نشرت صحيفة ال "فاينانشيال تايمز"البريطانية مقالا للدكتور "نوريل روبين" الأستاذ في جامعة نيويورك وأول من تنبأ بحدوث الأزمة العالمية حذر فيه العالم من "خطر الانكماش" وقال إن أمريكا والاقتصاد العالمي يتعرضان لخطر جمود وانكماش شديدين سيقودان العالم إلي الركود والانكماش الاقتصادي. والانكماش هو وجه العملة الآخر من التضخم حيث يعرف التضخم بأنه ارتفاع أسعار السلع والخدمات في المجتمع أما الانكماش فهو بالمقابل الانخفاض العام في مستوي أسعار السلع والخدمات، ولقد واجهت اقتصادات كبري فترات انكماش متعددة مثل اليابان حيث واجهت الانكماش لفترة تمتد حوالي "10" سنوات من "1993" حتي "2002" وصاحبت تلك الفترة حالة من الركود وارتفاع مستويات البطالة وانخفاض الإنتاج. ويقول "روبيني" إن ركودا عالميا شديدا سيقود إلي ضغوط انكماشية حيث إن ضعف الطلب سيؤدي إلي تضخم أقل بسبب قيام الشركات بخفض الأسعار، وسيحدث ركود في أسواق العمالة بسبب تزايد البطالة وسيؤدي ذلك إلي التحكم في تكاليف العمالة، والأكثر من ذلك حدوث ركود في أسواق السلع بسبب انهيار الأسعار مما سيقود إلي تضخم أقل بكثير، وبالتالي فإن التضخم في الدول المتقدمة سيهبط بنسبة "1%" الذي يؤدي بدوره إلي مخاوف حدوث انكماش. ويبرر "روبيني" خطورة الانكماش قائلا إنه يؤدي إلي ضعف سيولة بمعني أن أسعار سندات التأمين لا يمكن أن تهبط دون الصفر وبالتالي تصبح السياسة النقدية عقيمة، ويقول إن أمريكا تقع في هذا بالفعل لأن المعدل المستهدف للموارد المالية الفيدرالية مازال "1%" لكن المعدل الفعال يكون قريبا من الصفر، وهذا بسبب قيام الاحتياط الفيدرالي الأمريكي "البنك المركزي" باغراق النظام المالي بالسيولة ويتوقع أن يقترب معدل الموارد المالية الفيدرالية من الصفر خلال "2009". كذلك بالنسبة للانكماش فإن انهيار الأسعار يعني أن التكلفة الحقيقية لرأس المال عالية رغم اقتراب أسعار سندات التأمين من نسبتها العادية ومن ثم المزيد من الانهيار في الاستهلاك والاستثمار والذي بدوره يقود إلي انهيار الطلب والأسعار. ويشير "روبيني" إلي أن الانكماش يؤدي إلي رفع القيمة الحقيقية للديون مما يجعل مشاكل الدائنين أشد ويؤدي إلي مخاطر متزايدة لتقصيرات من جانب الشركات بالإضافة إلي تفاقم الخسائر الائتمانية للمؤسسات المالية وكل هذه المخاطر تؤدي إلي استخدام سياسات مالية غير تقليدية مثل توفير سيولة كثيفة للمؤسسات المالية لحل أزمة السيولة وتقليل الفرق بين أسعار السوق قصيرة الاجل وأسعار السندات أي أنها بمثابة سياسات شبه مالية لانقاذ المستثمرين والمقرضين والمقترضين.