أعلن رئيس الوزراء الياباني تارواسو امس أكبر ميزانية سنوية في تاريخ البلاد مع تفاقم المخاوف من أن تدخل اليابان في كساد طويل الأمد إلا أن الغموض يكتنف مصير الميزانية بسبب تراجع معدلات التأييد الشعبي لاسو وضعف سيطرته علي الحزب الديمقراطي الحر الذي يقول محللون إنه مهدد بالخسارة في انتخابات مجلس النواب التي ستجري في سبتمبر المقبل. وستمول الميزانية بالإضافة إلي مزانيتين إضافيتين للسنة المالية الحالية التي تنتهي في مارس المقبل برامج التحفيز المالي التي اقترحها اسو ويبلغ حجمها 12 تريليون ين تمثل أكثل من 2% من الناتج المحلي الإجمالي لليابان. وتمثل الميزانية البالغة 88.5 تريليون ين (980.6 مليار دولار) للسنة المالية التي تبدأ في إبريل المقبل زيادة بنسبة 6.6% في الإنفاق مقارنة مع الميزانية المبدئية للسنة المالية الحالية التي تستمر حتي مارس المقبل. وقال رئيس وزراء اليابان إنه لا يمكن أن تفادي اليابان إعصار الكساد العالمي ولكن بوسعها محاولة إيجاد وسيلة للخروج منه. وأضاف أن الاقتصاد العالمي في حالة كساد لا تحدث سوي مرة كل مائة عام ونحن بحاجة لإجراءات استثنائية لمواجهة موقف استثنائي. من جانب آخر قال خبراء إن اليابان قد تكون عند عتبة عقد جديد من الركود الاقتصادي، علي خلفية التطورات التي تعيشها البلاد، من ارتفاع بأسعار صرف الين وتراجع في الصادرات والنمو، والخسائر الأخيرة التي أعلنتها شركة "تويوتا" عملاق صناعة السيارات اليابانية. ورغم قيام المصرف المركزي الياباني مؤخراً بخفض الفائدة فإن ذلك لم يحل دون صعود الين مقابل العملات الأجنبية الأخري، مما يجعل السلع اليابانية أغلي من سواها في أسواق العالم، ويكبح بالتالي من الإقبال عليها، مما دفع بعض الخبراء إلي التحذير بأن العقد المقبل قد يشهد انكماشا في نمو البلاد، ويشكل "سنوات ضائعة" علي غرار العقد التاسع من القرن الماضي. وفي هذا السياق، قال كريس برودين، كبير خبراء الاقتصاد لدي شركة استشارية في مدينة بوسطن الأمريكية: "نحن في وسط أزمة عالمية حادة، دفعت الدول المتقدمة إلي الانكماش، وتسببت بتراجع نمو سائر الدول، ولا مكان للاختباء من هذه العاصفة، لذلك فقد نكون أمام فترة من الركود الطويل في اليابان. ويري خبراء أن الأوضاع في الولاياتالمتحدة ستزيد الطين بلة بالنسبة لليابان، حيث تعلم المستهلك الأمريكي من الأزمة الحالية ضرورة الحفاظ علي مستويات ادخار مرتفعة، مما سيدفعه إلي خفض نفقاته الاستهلاكية في الأعوام المقبلة، وسيؤثر بالتالي علي الصناعة اليابانية. ويؤكد كيث هيمبر، الخبير الاقتصادي لدي صندوق "فيرست أمريكان"، أن عودة النمو في الولاياتالمتحدة ستكون مدفوعة بالإنفاق المرتفع للحكومة علي خطط الإنقاذ، في حين سيميل الاستهلاك إلي التراجع، وهو أمر سيرتد بصورة إيجابية علي الاقتصاد الأمريكي، لكنه سيكون كارثياً بالنسبة لدول تعتمد علي التصدير للولايات المتحدة، مثل الصين واليابان. كما أن شركة تويوتا اليابانية توقعت أن تتكبد أول خسارة تشغيل سنوية علي الإطلاق، وألقت باللوم علي الانخفاض الحاد في المبيعات والصعود الكبير للين، فيما قالت إنها أزمة مفاجئة غير مسبوقة في تاريخها الممتد لسبعين عاما.