في واقعة مقتل ابنة المطربة ليلي غفران وصديقتها نادين، فإن والد نادين الذي يقيم في السعودية منذ 20 عاما قال انه عندما دخلت ابنته الجامعة في مدينة 6 اكتوبر اشتري لها فيللا لتكون بجوار كليتها واشتري لها سيارة بالاضافة الي انه كان يعطيها مصروفا شهريا 11 الف جنيه لتغطية نفقات الدراسة ومصروفاتها الشخصية، وكان يطمئن عليها كل يوم بالتحدث معها هاتفيا لمدة 20 دقيقة! ولا تعليق علي كلام الاب، فيكفيه ما هو فيه من حزن وألم ومصاب جلل، ولا نملك الا ان ندعو له بالصبر ولابنته بالرحمة والمغفرة. ولكننا نعلق هنا علي مئات وآلاف الحالات المشابهة لنادين في المجتمع المصري الان والتي تواجه احتمالات الضياع او ان تصبح هدفا سهلا للجريمة! فقبل سنوات لم يكن ممكنا او مقبولا في مجتمعنا ان تقيم فتاة بمفردها في شقة حتي لو كانت معها صديقة او صديقات، وكان ذلك خروجا علي التقاليد واشارة الي نوع من التفسخ الاسري، و"فلتان" الفتاة.. وحتي المرأة المطلقة لم يكن مقبولا ان تظل في بيتها وحدها وكان عليها ان تعود الي بيت اهلها حيث الامن والاحترام. ولكن السنوات الاخيرة شهدت ظاهرة جديدة علي المجتمع خاصة بعض ظهور الجامعات الخاصة ذات المصروفات المرتفعة. فقد وجد العديد من المصريين المقيمين في الخارج الفرصة في هذه الجامعات لارسال ابنائهم للتعليم في مصر خاصة ان الدراسة ببعض هذه الجامعات باللغة الانجليزية التي اجادها الابناء من خلال دراستهم بمدارس اجنبية في الخارج. وامام التكلفة العالية للدراسة بهذه الجامعات فقد ظل كل اب يعمل في الخارج لتوفير النفقات وارسل ابنه او ابنته للدراسة والاقامة في مصر سواء في دور الاقامة الجامعية او في سكن خاص. واصبح معتادا ان تقيم فتاة بمفردها او ان يقيم الشاب بمفرده.. وان يصبح الطريق ممهدا لنوع من الحرية لم يعتده من قبل، ويدخلون في مواجهة غير متكافئة مع مجتمع صعب بالغ التناقضات ويجدون انفسهم في النهاية يدفعون ثمنا باهظا في الكثير من المشاكل التي قد تواجههم والتي تصل كما حدث مع نادين الي حد القتل! فأن تعيش فتاة وحدها في مسكن فخم وان تمتلك في سنة صغيرة سيارة وان تحصل علي مصروف شهري بآلاف الجنيهات، فهل بعد ذلك ستتركها الذئاب تتجول وتعيش في امان في الغابة الكبيرة التي تمرح فيها الحيوانات المفترسة؟! إن هناك حالات كثيرة مشابهة الان لابنة ليلي غفران ونادين، وهي حالات تعكس وجود مجتمع اخر لا نعلم عنه شيئا.. وهو مجتمع لا يعرف هو ايضا عنا شيئا، لا عن عاداتنا ولا تقاليدنا.. ويعيش حياته مغتربا داخل وطنه وخارجه ايضا وكان الله في عونهم، فقد فرضت الظروف عليهم واقعا مخيفا رغم امتلاكهم المال واستمتاعهم بالحياة! [email protected]