"سنتفاوض مع أي رئيس وزراء تنتخبه اسرائيل". قالها الرئيس الفلسطيني محمود عباس مؤكدا وواثقا بعدما ترددت الأنباء عن استعداد اسرائيل لإجراء انتخابات مبكرة قبيل استقالة اولمرت لكن هذا التأكيد من جانب الرئيس عباس، لا يمنع من النظرة التشاؤمية ربما تسود المفاوضات، فحتي الآن لم يتحقق أي انجاز سياسي بين الفلسطينيين والاسرائيليين، ولن يكون هناك اتفاق بحلول عام 2008 كما وعدت إدارة بوش في اكثر من مؤتمر ومناسبة. وإذا كان تفاؤل الرئيس عباس ينبع من ايمانه بعدالة قضية شعبه فإن القضايا الست الرئيسية المطروحة علي طاولة مفاوضات الحل الدائم، مازالت مفتوحة، ولم يتم الاتفاق ولا علي قضية واحدة، لأن الفجوة بين الجانبين واسعة جدا، وربما هذا يمهد الطريق بارتياح لقيام انتفاضة ثالثة مسلحة، يخشاها عباس كما تخشاها اسرائيل. اسرائيل التي تستعد لانتخابات عامة مبكرة يتصارع فيها أحزاب الليكود مع كاديما والعمل، لم يعد شغلها الشاغل الآن الانجاز السياسي الخارجي والتوصل إلي اتفاق سلام مع الفلسطينيين، بقدر ما يهمها إزاحة أولمرت بأي وسيلة، وينحصر الصراع حاليا بين تسيبي ليفني وزيرة الخارجية وهي من حزب كاديما، والمرشحة الاقوي للفوز بزعامة الحزب وشاؤول موفاز وزير النقل لمواجهة زعيم لليكود اليميني رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو في حال إجراء انتخابات عامة مبكرة. وفي حال فوز ليفني بثقة اعضاء كاديما لزعامة الحزب فهي ستكون قادرة بحسب نتائج استطلاع جديد للرأي في اسرائيل علي ان تشكل ندا قويا لزعيم ليكود بنيامين نتنياهو في محال اجراء انتخابات عامة إذ اشار الاستطلاع إلي ان وزيرة الخارجية نجحت في تقليص الفارق بينها وبين نتنياهو قياسا باستطلاع اجري قبل اسبوعين وهذا يعني انه في حال فوز ليفني بزعامة كاديما فإن ذلك يقضي علي فرص حزب العمل بقيادة وزير الدفاع ايهود باراك في ان يصبح الحزب الثاني الاقوي بعد ليكود، إذ يحصل علي مقاعد لا تتجاوز 14 مقعدا بينما يحصل علي 18 في حال تزعم موفاز حزب كاديما. لكن كل ذلك لا يعني شيئا في الداخل الفلسطيني طالما لا يوجد أي تقدم علي أي مسار في المفاوضات التي طالت دون ان يكون لها افق واضح، أو للتوصل إلي حلول بشأنها، فسواء فازت ليفني أو موفاز أو نتنياهو، فالنتيجة لدي الفلسطينيين واحدة بعد تجارب سنوات طويلة من المفاوضات بين الطرفين مر علي الفلسطينيين خلالها حكومات يمنية متطرفة، ومعتدلة لم تكن افضل حالا من المتطرفة لذا لا يعول المفاوض الفلسطيني كثيرا علي من يترأس الحكومة الاسرائيلية المقبلة خاصة ان القضايا الست العالقة (القدس والحدود واللاجئين والأمن والمستوطنات والمياه) يمثل كل عنصر فيها لغما شديد الانفجار، هذا بالاضافة إلي القناعة التي تكرس مع الوقت لدي المفاوض الفلسطيني ان اسرائيل لا تريد فعلا حل الصراع. ربما لا تريد اسرائيل التوصل إلي اتفاق رغم هيكليته المعروفة بسبب الخلافات الداخلية والصراعات القائمة بين أحزاب اليمين واليسار والوسط والاحزاب الدينية المتطرفة والتناقضات الفكرية الموجودة داخل اسرائيل، رغم مساعي حسن النية التي اظهرتها القيادة الفلسطينية، والدول العربية في اكثر من موقف ، وموقع تمثلت في المبادرة العربية للسلام التي اقرها مؤتمر بيروت عام ،2002 وحتي ايران وافقت في حينه عليها، ولم يبد فيها اولمرت أي رد فعل سوي المراوغة والمماطلة والتصريحات الرنانة المعهودة لدي الحكومة الاسرائيلية، علي الرغم انها المرة الاولي التي ينحاز فيها العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز لمبادرة من هذا النوع حفاظا علي المقدسات الاسلامية، وايضا من اجل حل الصراع. وعلي الرغم من أن المرشحة تسيبي ليفني هي الاقرب إلي الموقف الفلسطيني من بين المرشحين الآخرين بحسب تصريحات لأحمد قريع "أبو علاء" رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض، وهي التي تخوض الآن في أمر المفاوضات الجارية بين الطرفين، إلا ان ليفني في حال انتخابها ستخوض معارك داخلية وخارجية، ويأتي علي رأسها تحذير اوساط في الأجهزة الأمنية، وفي اوساط اليمين المحافظ في الولاياتالمتحدة من انتخاب وزيرة الخارجية الاسرائيلية ليفني رئيسا للحكومة الاسرائيلية ووصفوها بانها شخصية ضعيفة ليست ذات وزن سياسي جدي في اسرائيل ومجرد انتخابها رئيسة للحكومة الاسرائيلية سيقوي من شأن أعداء امريكا واسرائيل مثل ايران مما يزيد من الاخطار علي المصالح الامريكية والاسرائيلية علي حد سواء. كما تواجه ليفني منافسة شرسة من موفاز صاحب التجربة السيئة مع الفلسطينيين بالاضافة إلي نتنياهو والمعروف بتطرفه وبرفضه التوصل لأي حلول مع العرب عموما والفلسطينيين خصوصا لقناعته بأن حدود اسرائيل من النيل إلي الفرات هي حدود دائمة ومستمرة ولن تزول..!!