أثارت تصريحات وزير التجارة والصناعة المهندس رشيد محمد رشيد أن الحكومة ستتجه لإقامة مصانع جديدة لانتاج الأسمنت وحديد التسليح جدلا واسعا حول عودة دخول الدولة في الانتاج.. فالسببب وراء هذين المشروعين كما قال الوزير هو مواجهة الارتفاعات المستمرة في الاسعار وتعميق هذه الصناعة وتوفير احتياجات السوق والتصدير. اكدت الحكومة تصريحاتها ببيان مشترك لوزارتي الاستثمار والتجارة والصناعة باعلات الموافقة علي منح رخص جديدة لانشاء خطوط انتاج وتوسعات في قطاعي الاسمنت والحديد وانه بناء علي ذلك فقد حصلت مجموعة من شركات قطاع الاعمال العام علي رخصة لتأسيس مصنع للاسمنت بقنا بتكلفة استثمارية حوالي 6.1 مليار جنيه بطاقة انتاجية حوالي مليون ونصف طن سنويا وذلك في اطار المنافسة وطبقا للشروط والاجراءات التي وضعتها هيئة التنمية الصناعية كما تدخل شركات أخري في قطاع الاعمال العام بمساهمات في مصنع آخر بسوهاج يجري تأسيسه حاليا هذا بالاضافة إلي الشركة القومية للاسمنت وفضلا عن مساهمات المال العام في الشركات المشتركة، وبالنسبة لحديد التسليح فهناك دراسة متكاملة تعدها الشركة القابضة للصناعات المعدنية ويتم منها في نوفمبر المقبل وذلك بغرض انتاج الحديد ومنتجاته المختلفة بما في ذلك حديد التسليح، وذلك وفقا لتخصص هذه الشركات وسوف تستكمل هذه الدراسة ويتم عرضها علي هيئة التنمية الصناعية للحصول علي التراخيص والموافقات اللازمة وفقا للقواعد وفي حالة الموافقة سوف يتم طرح جانب من هذه الاستثمارات للاكتتاب العام. وعلي الرغم من تأكيد الحكومة علي التوسع في دورها كمنتج للحديد والاسمنت إلا ان الملموس في الخطاب الحكومي هو تأكيده علي احترام آليات السوق الحر.. والسؤال الذي نطرحه من خلال هذاالتحقيق إذا كان دخول الدولة كمنتج في قطاعي الحديد والاسمنت قد يسهم في حل مشكلة ارتفاع اسعارهما المتنامي فلماذا لا تتوسع الدولة في الدخول كمنتج في باقي القطاعات؟ في البداية تقول د. نهال المغربل الخبيرة بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية: إن اتجاه الحكومة لانتاج الحديد والاسمنت خطوة "مستغربة" علي السياق العام لسياسات الحكومة التي اعلنت مرارا انها لن تقوم بدور المنتج وانها ستقصر دورها علي دور "المنظم" للسوق. ازدواجية واضحة قالت إن تدخل الدولة بالانتاج ليس الحل الوحيد لارتفاع اسعار الحديد والاسمنت فهي تستطيع ان تواجه ذلك من خلال تفعيل الرقابة علي هذا القطاع وإلزامه بأن يكون الارتفاع في اسعار منتجاته ارتفاعا مبررا، أما في حالة إنشاء مصانع للقطاع العام في هذا المجال فهو عرضة إلي ان يدار إدارة غير كفء مما يؤدي لإهدار موارد الدولة كما انه سيزاحم القطاع الخاص في هذه المجال وسيكون عائقا أمام دخوله في السوق كما ان القطاع الخاص بطبيعته قد تتاح له الفرصة في الحصول علي مميزات لا يحظي لها القطاع الخاص كالبنية الاساسية إضافة إلي انه يزاحم القطاع الخاص في الائتمان، وتري نهال المغربل ان هذا التوجه يجعل السياسة تتسم بالازداوجية بين سياسة السوق وسياسة الاقتصاد الموجه، وتنبه إلي ان توسع القطاع العام في هذا المجال قد يعطي اشارات سيئة للاستثمار لانه يخالف شخصية الاقتصاد المصري التي كانت قد بدأت تأخذ طابع اقتصاد السوق في الفترة الاخيرة مشددة علي ضرورة ان تتبني الدولة سياسة صريحة وتطبق لفترة طويلة حتي تحظي بالثقة، وعن ملاءمة توسع الدولة بصفة عامة في العملية الانتاجية لزيادة المعروض في السوق وتخفيض الاسعار تري نهال المغربل ان هذا التوجه كان ملائما في فترة الستينيات حيث هذا الاتجاه كان منتشراً عالميا.. وهي الفترة التي بنت فيها الدولة قاعدتها الصناعية ولكنها لم تكن ناجحة في حالات كثيرة بسبب غياب المنافسة، وتم تفكيك هذه القاعدة بعد ذلك من خلال برنامج الخصخصة ولا يصلح ان تعيد الدولة بناء هذه القاعدة الآن لاننا سنكون بذلك "نسير عكس التيار العالمي" في ظل توصيات المؤسسات الدولية بفتح الباب للقطاع الخاص، وتري نهال المغربل انه من الممكن دفع القطاع الخاص إلي مزيد من الانتاجية من خلال اعطائه حوافز مدروسة تقابلها انتاجية وتوظيف عمالة، كما ان الدولة تبنت مؤخرا توجها يجب التوسع فيه وهو قيام المركز القومي للبحوث بعمل دراسات البحث والتطوير وتقديمها للشركات من خلال برنامج تحديث الصناعة وهو التوجه الذي سيعاون القطاع الخاص علي ادخال التقنيات الحديثة في عمله وتقليل العبء عليه. لماذا الخصخصة فيما يري د. أحمد غنيم استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ان اتجاه الدولة للتوسع في انتاج الحديد والاسمنت هو "إجراء سياسي" لتصحيح ما أفسدته الحكومات السابقة بعدم وضع قواعد للرقابة علي السوق وحماية المنافسة بعد الخصخصة، ويتساءل غنيم إذا كانت الدولة ستتجه إلي انتاج الحديد والاسمنت فلماذا خصخصت مصانعها في هذا القطاع؟ وينبه غنيم إلي ان توجه الدولة للاستثمار في انشاء م