حوار موضوعي وجاد حول الأزمة المالية الحالية في عصر العولمة تناوله الخبراء مصرفيون وماليون ناقشوا فيه الأسباب التي كانت وراء الأزمة، بالاضافة إلي استقراء مستقبل هذه الأزمة. أكد الخبراء أن الأزمة المالية العالمية لن تذهب قريبا، مشيرين إلي أن هناك مؤشرات تدعو إلي التفاؤل محذرين في نفس الوقت إلي هناك بعض الأخطارالتي مازالت قائمة، كما دعو في نفس الوقت إلي ضرورة تحديد الدروس المستفادة من الأحداث المالية الأخيرة، والعمل علي مواجهة سريعة وجادة لأزمة مرتبطة بالأزمة المالية مازالت في مرحلة البلورة وسوف تظهر إن عاجلاً أو آجلاً وحددوها في أزمة أسعار الغذاء العالمي. من جانبها أوضحت الدكتورة هالة السعيد المدير التنفيذي للمعهد المصرفي ان اختيار هذه القضية علي وجه الخصوص والحضور المكثف من قبل العديد من الخبراء جاء في إطار أهمية الأزمة المالية التي يمر بها العالم في الآونة الأخيرة وما تمثله من علامة فارقة في تاريخ الاقتصاد العالمي حيث بدأت المشكلة صغيرة وتفاقمت علي نحو متسارع واتسعت مساحتها ورقعتها وقادت إلي تهديد معدلات النمو التي استطاع العالم أن يحافظ عليها خلال الخمس سنوات الماضية. وتشير إلي أن الأزمة كانت نتيجة حتمية لأزمة الرهون العقارية التي تعرضتا لها الولاياتالمتحدةالأمريكية واثرت بالسلب علي استقرار أسواق العالم ككل وأسواق العملات التي تعرضت هي الأخري لتذبذبات حادة كذلك الحال بالنسبة لميزانيات البنوك التي شهدت أزمة سيولة وائتمان خانقة جعلت القطاع المصرفي العالمي في عنق الزجاجة وتزامن ذلك مع الارتفاع في أسعار البترول والذي أدي إلي تأثيرات ايجابية أو سلبية علي كل اقتصادات العالم. اضافت أن المخاوف التي تصاعدت ابان أزمة الرهن العقاري في الولاياتالمتحدةالأمريكية ادت إلي صعود نجم اليورو إلي أعلي مستوياته منذ صدوره وارتفاع أسعار الطاقة إلي أعلي مستوي لها ايضا، ولم تقتصر التداعيات علي ذلك فقط حيث تعرض ثاني أكبر المصارف العالمية بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي لعملية احتيال ضخمة أكدت علي ضرورة علاج الفجوات التي أدت إلي ذلك وجعلت هناك أهمية لتحقيق نوع من التكامل بين جميع اطراف المنظومة المصرفية سواء كان الأمر يتعلق بإدارة المخاطر أو نظم التكنولوجيا المتاحة وأهمية أن تكون بمثابة جدار صلب يصعب اختراقه.اشارت د.السعيد إلي أنه في ضوء هذه التطورات فإن المحليين وصناع السياسة في حاجة إلي الحصول علي إجابة لتساؤلات حول الدروس المستفادة من الاحداث الأخيرة والقدرة علي التعامل مع أي أزمات أخري في الفترة القادمة، ولفتت إلي أنه علي الرغم من أن الوقت مازال مبكرا لاجراء تقييم لما حدث واجراء استقراء لمجريات الأمور في المستقبل إلا أن الواقع يؤكد أنه وعلي الرغم من حدة الأزمة إلا أن تحسن الأداء في اقتصادات الأسواق الناشئة لعب دورا مهما في تقليل تداعيات الأزمة مضيفة في ذات الوقت أن الآثار لن تتوقف عن ذلك فحسب فهناك أثار غير مباشرة علي الأوضاع المالية جار تقييمها في الوقت الراهن كما أن الفيصل في صمود الاقتصادات المختلفة في مواجهة الأزمة خلال الفترة القادمة يتوقف علي السياسات الاقتصادية الي تنتهجها الدول من خلال زيادة الاحتياطي الأجنبي واتباع انظمة سعر صرف مرن وإدارة مالية ناضجة مما يجعل اداؤها أفضل في خضم هذه الأحداث. العامل الإيجابي ومن جانبه يري روبر باركر نائب رئيس مجلس إدارة كريديت سويلز أن الأسواق الناشئة قادت خلال الأزمة الأخيرة نموا ضخما، مشيرا إلي أن هناك بعض العوامل الايجابية التي لابد من ادخالها في الاعتبار فيما يتعلق بالاقتصاد العالمي، فهناك انفصال بين البلدان الصناعية والأخري الناشئة فعلي الرغم من تراجع النمو نقطة واحدة في المنطقة الآسيوية إلا أن معدلات النمو ستظل مرتفعة عند 8%، وهو ما يجعل الاقتصادات الناشئة تغطي 75% من النمو في العالم. اضاف أن الأسواق الناشئة تشكل وعلي خلاف الصدمات السابقة، عنصرا يعمل علي تعزيز الاستقرار، بفضل الطلب المحلي النشط وبفضل الفائض القوي في الحساب الجاري في كثير من الحالات لهذه الدول وفي ظل عدم الإيمان بصحة المقولة التي تري عدم وجود تأثير متبادل بين الاقتصادات إلا أن الواقع يشير إلي أن التوسع المتواضع بين سعر العرض والطلب في مؤشر سندات الأسواق الناشئة، واستقرار عملات الأسواق الناشئة، لا يشير إلي مصداقية القصة القديمة حول انتقال العدوي من اقتصاد إلي آخر.