منذ عدة سنوات طرحت في أروقة منظمة المؤتمر الإسلامي فكرة خلاصتها أن هناك حاجة إلي إنشاء كيان تنظيمي يؤسس لبلورة الأفكار المتعلقة بتطوير التجارة البينية بين الدول الأعضاء، ويضع أساسا لإنشاء المشروعات وتفعيل سبل التعاون وتبادل المعلومات وربط جهود القطاع الخاص في العالم الإسلامي مع جميع دول العالم. وأسفر مؤتمر القمة العاشر لمنظمة المؤتمر الإسلامي عن تبني قرار بإنشاء "المنتدي الاقتصادي الإسلامي الدولي" ليكون محور التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي. وفي أكتوبر 2005 تم افتتاح أعمال المنتدي الاقتصادي الإسلامي الدولي الأول الذي عقد في العاصمة الماليزية، كوالالمبور، تحت شعار "تحالفات جديدة لدعم مسيرة التنمية والتقدم". وفي نوفمبر 2006 عقد المنتدي الاقتصادي الإسلامي الدولي الثاني في العاصمة الباكستانية، إسلام اباد، تحت شعار "اطلاق القوي الاقتصادية للأسواق الناشئة". ثم عقد المنتدي الثالث في كوالالمبور في مايو ،2007 حيث تم تدشين فعاليات برنامج خاص للقيادات الشبابية للمنتدي. وأخيراً.. استضافت الكويت المنتدي الاقتصادي الإسلامي الدولي الرابع الذي كان شعاره "الدول الإسلامية: شركاء في التنمية الدولية".. وانتهي الاجتماع، الذي استمر في الفترة من 29 إبريل حتي أول مايو ،2008 بإصدار "إعلان الكويت" الذي أكد علي: 1 - الحاجة إلي رؤية مشتركة تحت شعار "الأمل والتسامح والاحترام المتبادل"، والتي بموجبها تعمل الأمة الإسلامية علي "استغلال الفرصة" لتأسيس "شراكة اقتصادية عادلة" بين المجتمعات الغنية والفقيرة سعياً للقضاء علي الفقر والجوع والمرض. 2 - أهمية "اطلاق الإمكانات غير المستغلة" لأسواقنا من خلال العمل معاً علي تطوير العلاقات في مجال الأعمال والتجارة وقوانين الاستثمار. 3 - إدراك أن بلوغ "مكاننا المناسب في الاقتصاد العالمي" لا يعتمد فقط علي مواردنا الطبيعية بل أيضا علي مواردنا البشرية. وإن "الاقتصادات القائمة علي المعرفة" في عالم اليوم تتطلب الالتزام المشترك لاطلاق القدرات الكامنة لدي شعوبنا، من خلال الاستثمار في التعليم بدءا من التعليم الأساسي إلي الدراسات العليا بما في ذلك التعليم التطبيقي وتعليم المرأة وإفساح المجال لها، وتهيئة الظروف التي تساعد علي جذب وتحفيز أفضل ما لدينا من طلبة موهوبين والحفاظ عليهم. 4 - تشجيع وتأمين مناخ آمن ومستقر للاستثمار. 5 - العمل مع جميع الأطراف المعنية نحو استغلال أفضل لموارد الطاقة الحالية والمساهمة في تنمية مصادر جديدة للطاقة المستدامة والصديقة للبيئة. 6 - التمسك بالقيم الإسلامية قولاً وعملاً والعمل معاً لتشجيع الاستقامة والحكم الرشيد. * ادخال الأعمال اليدوية والحرفية والفنية كمقررات دراسية في مناهج المراحل التعليمية المختلفة "خاصة المرحلة الثانوية" لتقف هذه المقررات علي قدم المساواة مع الدروس الأكاديمية النظرية. * وإذا كان من حق المواطن اختيار العمل الذي يرغب فيه، فيجب أن تترك أمامه مقاعد الدراسة مفتوحة، لشحذ مهاراته الفنية أو التقنية، أو تغيير مساراته المهنية، وهو ما يتفق مع واحد من أهم أهداف التعليم الجيد: "أعني التعليم مدي الحياة". خلاصة القول إن التعليم هو المحور الأساسي لأية خطة تنموية، وبدون الإدارة المقتدرة تظل خطط التنمية عاجزة عن تحقيق أهدافها، وقد أشارت النتائج التي توصل إليها فريق اقتصادي علي مستوي رفيع في دراسة عن مسار الاقتصاد الكويتي إلي أهمية التعليم لهذا الاقتصاد:.. تحقيق هذه الأهداف يتطلب التركيز علي الكفاءة العالية لإدارة هذه الاستراتيجية، وهناك يأتي دور التعليم كمحور أساسي لأي خطة من أجل ذلك كان تشديد الدراسة علي رفع مستوي الكفاءة في الجهاز التعليمي بشكل عام من أجل خلق عنصر بشري يتحمل الأعباء ومن خلال الاستثمار في العنصر البشري يستطيع المجتمع أن يحقق طموحاته المستقبلية. إن النتائج التي توصل لها الفريق الاقتصادي هي ذات النتائج التي بدأ الاقتصاديون منذ مطلع الستينيات في التوصل إليها، وهي أن المحك الرئيسي لم يعد يقتصر علي نشر التعليم والتوسع فيه ليشمل جميع فئات المجتمع فحسب، بل رفع كفاءة النظام التعليمي ليفي بأغراض النمو الاقتصادي والتنمية الشاملة. بدأ العالم ككل يوجه الانتباه لهذه القضية الاساسية مع مطلع الستينيات حيث بدأ التركيز علي القيمة الاقتصادية للتعليم، والتي وصفها بومان "1966" بثورة الاستثمار البشري في الفكر الاقتصادي ومن هذه القاعدة بدأ علماء الاقتصاد محاولاتهم لقياس مردود التعليم علي التنمية الاقتصادية "شولتز ،1961 1963 ودينسون ،1962 1976 وكروجر 1968" لقد أكد شولتز "1961" ودينسون "1962" أن التعليم له تأثير مباشر علي النمو الاقتصادي وذلك عن طريق تحسين أداء ومقدرة القوي العاملة. كانت احدي النتائج الرئيسية لدراسة أجريت في جمهورية تشيلي عام 1983 هي أن الاستثمار في رفع مستوي التعليم في المدارس له نتائج ملموسة هي نجاح وتحصيل الطلاب في تلك المدارس وفي سوق العمل فيما بعد ولقد بينت تلك الدراسة أنه كلما بدأ ذلك الاستثمار مبكرا في المراحل الأولي للتعليم زاد تأثيره، وبخاصة علي الطبقات الفقيرة في المجتمع. والاهتمام بالتعليم قبل المدرسي يجب أن يمثل أولوية وطنية عليا، كونه يعد استثماراً ذا مردود اقتصادي هائل لدولنا، فلقد أشارت الدراسة الأكاديمية في هذا الحقل إلي أن كل دولار ينفق علي التعليم قبل المدرسي يأتي بمردود اقتصادي لاحق علي المجتمع يصل إلي ثلاثة دولارات. لقد أدي هذا السيل الكبير من الدراسات الاقتصادية التي سبق ذكر بعض منها إلي نشر الوعي بالنسبة لكفاءة الأنظمة التعليمية بين حكومات دول العالم، وبخاصة في الدول النامية وأجهزة التخطيط فيها. وللحديث بقية..