عقب عودة الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار من زيارته الاخيرة لليابان قال إنه من ضمن الاشياء التي لفتت انتباهه خلال الزيارة هو اتجاه المواطنين لتغيير النمط الاستهلاكي، واستبدال الحبوب بالخضروات والفاكهة. كان تفسير وزير الاستثمار لذلك هو محاولة اليابانيين تقليص وخفض اعتمادهم علي الحبوب التي شهدت ارتفاعات قياسية عالميا، ايحاءات وزير الاستثمار كانت تشير الي سؤال مهم وهو لماذا لايتجه المصريون الي مثل هذا الاسلوب، وتطبيق التجربة لدينا، بتغيير المواطنين لنمطهم الاستهلاكي. ربما استعراض الدكتور "محيي الدين" للتجربة اليابانية الهدف منه ايجاد بدائل، بعد ارتفاع اسعار الحبوب وفي مقدمتها القمح الذي يتجاوز سعره 2500 جنيه للطن مقابل 2000 جنيه في الاسابيع الماضية بزيادة بلغت نحو 500 خلال فترة قليلة، هذا بالاضافة الي ان اسعار الغذاء زادت بنسبة 70% في العام الماضي، و30% خلال الشهرين الاولين من العام الجاري، كما قفزت اسعار الحبوب بنسبة تصل الي 250%. وقد كان لارتفاع اسعار الوقود عالميا ووصل برميل البترول الي 112 دولارا الاثر الاكبر علي اسعار الحبوب خاصة القمح بعد الاعتماد عليه كأحد البدائل للوقود، واستخدامه كطاقة بديلة، وكل ذلك آثار اكثر من علامة استفهام حول تغيير المصريين للنمط الاستهلاكي، والاعتماد بشكل اساسي علي الخضروات والفاكهة. ربما علي حد تفسير خبراء الاقتصاد والتغذية ان هذا الاتجاه يتطلب وقتا طويلا، لتغييره، خاصة ان مثل هذه البدائل سواء كانت الخضروات او الفاكهة عناصر غير مشبعة للمصريين. تغيير النمط الاستهلاكي في المجتمع المصري يتطلب تحويلا كاملا في السلوك الاستهلاكي وهذا امر صعب، ويحتاج سنوات طويلة هكذا كان تفسير الدكتور عبدالعظيم طنطاوي رئيس مركز بحوث المحاصيل الزراعية سابقا. وقال إن "الامر يختلف تماما في دول جنوب شرق آسيا، فنظام الوجبات الغذائية، واعتمادهم علي 5 وجبات وليس 3 وجبات مثلنا، وهو الامر الذي يدفعهم الي الاعتماد علي الخضروات والفاكهة. أجور متدنية اذن علي حد قوله من الصعب ان يتم اللجوء الي استخدام الخضروات والفاكهة كبديل للحبوب، حيث انه لايتستطيع احد الاستغناء عن رغيف العيش، لاكثر من سبب اهمها عدد الافراد داخل كل اسرة والذي يصل في بعض الاحيان الي 10 افراد، وهو الامر الذي يستحيل معه شراء خضروات او فاكهة، في ظل الاجور المتدنية للغاية. وقال إن "السبب الرئيسي في ارتفاع اسعار المحاصيل الزراعية المتلاحقة نتيجة الاتجاه العالمي نحو الحبوب واستخدامها كبديل للطاقة، حيث قفزت اسعار القمح من 160 دولار عام 2006 الي 500 دولار، فيما وصل الارز الي 500 دولار، والذرة الي 400 دولار". ومن الممكن حسبما قال ان تؤدي الخضروات نفس الدور الذي تؤديه الحبوب، حيث تحتوي الخضروات علي نشاويات، المتوافرة بشكل كبير في البطاطس، وهي احدي الخضروات التي لاغني عنها في اليابان ودول جنوب شرق اسيا. وفي هذا الصدد استشهد بتجربته اثناء زيارته لليابان، وتناوله بشكل دائم للخضروات في كل الوجبات الغذائية، مما يشير علي حد قوله الي النمط السائد لديهم في الغذاء منذ مئات الاعوام. وان تنفيذ التجربة لدينا لن يكون بالامر اليسير، لان ذلك يحتاج وقتا طويلا وليس بين يوم وليلة علي حد وصفه. وحسب تصور الدكتور حسام شلبي استاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة الازهر فإن هناك بعض الامور التي لا تسمح للمواطنين بتغيير انماطهم الغذائية، ومنها الدخول المتدنية، حيث يقوم المواطن بتوزيع الدخل علي اكثر من اتجاه، فجزء يتم تخصيصه للغذاء، واخر للسكن، والتعليم، المواصلات، الرفاهية، وهنا لا استطيع ان يوجه دخله كله للغذاء علي الخضروات او الفاكهة. واذا كان وفقا لكلامه ان يتجه المواطن للاعتماد علي الخضروات والفاكهة، فإن الامر ماديا شاق عليه، حيث وصلت اسعار الخضروات لمستويات جنونية من الاسعار، وقد قفزت اسعار العديد من السلع الغذائية الي 70% العام الماضي و30% خلال الاشهر القليلة الماضية. وقال انه رغم هذه القفزات الكبيرة للاسعار الا ان مستويات الدخل مازالت ضعيفة، ولا تتماشي مع ارتفاعات السلع الغذائية والحبوب". ولذلك يبحث المواطن عن ما يسد جوعه وبأقل الاسعار وهذا يتوافر في رغيف العيش المصنوع من القمح، والذرة. وحسبما قال ان الاتجاه الي الخضروات يكبد المواطنين كثيرا من المال، في ظل وصول اسعار الطماطم لاكثر من 4 جنيهات وكذلك البطاطس، وهنا نجد ان راتب الفرد لن يكفي 10 ايام فقط. كما انه رغم توافر العديد من الفيتامينات بالفاكهة الا انها لا ترضي المتطلبات، والاحتياجات، وبالتالي يكون هنا استخدامها كغذاء رئيسي امرا مستحيلا رغيف الخبز ووفقا لما يراه الدكتور فوزي عبدالصمد الاستاذ بمركز البحوث القومي فإنه من الصعب ان يتم الاستغناء عن رغيف العيش، ولا يمكن المقارنة او نقل التجربة اليابانية لدينا فيما يتعلق بالنمط الغذائي، والاعتماد علي الخضروات لان الامر علي حد قوله يتوقف علي العادات والتقاليد الموروثة منذ قرون طويلة. وقال ان "العادات المصرية في الغذاء تختلف عن اي دولة اخري، حيث ان الوجبات لدينا 3 وجبات، فيما تتجاوزهذه الوجبات ببعض هذه الدول 5 وجبات". وهذا علي حد قوله لايصلح للفرد المصري، فمن الصعب ان يلجأ الي ثمار التفاح مثلا كبديل للقمح الذي يتم تناوله كنشويات ثم يتحول في الجسم الي سكريات وبالتالي الي طاقة. ربما كان الدكتور احمد النجار الخبير الاقتصادي ما يستند اليه في مواجهة مشكلة ارتفاع اسعار الحاصلات الزراعية، وعدم اتجاه المواطنين للاعتماد علي الخضروات والفاكهة، وهو الاتجاه الي التوسعات الكبيرة في الاراضي الزراعية، والصحراوية حتي يتم تحقيق توازن بين الانتاج الزراعي، واستهلاك الافراد ووقتها يتغير الامر تماما. اذن من الصعب تحويل وتغيير النمط الغذائي، حيث يتطلب وذلك سنوات طويلة، لكن هل يأتي يوم في ظل الارتفاعات المتتالية للحبوب، بعد استخدام القمح كبديل للطاقة، وتوقعات بحدوث مجاعة كبيرة. ان يستخدم المصريون الخضروات والفاكهة كبدائل للعيش.. اعتقد كما يعتقد كثيرون انه امر في غاية الصعوبة وان لم يكن مستحيلا.