توقفنا في الأسبوع الماضي عند حالة الحب التي جمعتنا في خلال بطولة الكأس لقارتنا السمراء وكيف أن ما تحقق لفريقنا الوطني من فوز ببطولة لم يكن مرشحا حتي للأدوار المتقدمة فيها.. وكيف كان أداء الفريق والجهاز الفني؟ وكيف تجمعت عناصر خمسة أدت لهذا الفوز المستحق وهي: * التخطيط والقدرة علي القيادة. * اللياقة والمهارة الفنية. * المساندة والدعم. * الإعداد المعنوي والنفسي. * الإرادة والروح والانضباط. وكان السؤال الذي طرحناه في هذه المناسبة الخاصة كيف يمكن أن نمسك بهذه الحالة ونستوعب دروسها ونستدعي مقوماتها حتي تكون هي النغمة السائدة في حياتنا وأدائنا في كل مكان من ربوع هذا الوطن الحبيب.. إن أهمية ما حدث أيها السادة أنه يحمل عدة دروس مستفادة لعل من أبرزها ما يلي: أولا: اننا نستطيع أن نحقق أكثر مما نظن، فقط علينا أن نبدأ الخطوة الأولي فقد كان من أروع الدروس المستفادة أن الفريق الوطني لم يطلق عبارات عنترية أو مقولات نارية كما أنه لم يقل أنه ذاهب لمجرد التمثيل المشرف لقد أخذ الأمر علي محمل الجد.. ونضع لكل موقف متطلباته وكانت نقطة البداية هي مباراة الكاميرون التي استطاع فيها أبناء مصر أن يقولوا بالعرق والجهد والاجتهاد وحسن التخطيط - أن يقولوا- نحن هنا.. وهنا أيضا تحركت كل الحسابات وتغيرت كل التوقعات وأحدثت المفاجأة التي أذهلت المراقبين والمتابعين فعلها في نفوس المصريين الذين اشتعلت إرادة النصر في كل فرد فيهم وتولد الأمل وانفتح باب العمل. ثانيا: اننا نستطيع أن نضع كل إمكانياتنا وأن نوظف كل قدراتنا وفقا لأعلي وأرقي معدلات الأداء علي المستوي العالمي. لقد كان لدينا مدير فني مصري وجهاز معاون له مصري مائة في المائة.. وكانت معظم الفرق الأخري تستعين بمدير فني أجنبي أو دولي كما كانت الفرق الأخري تضم لاعبين محترفين علي المستوي الدولي ونحن ليس لدينا من ذلك كله إلا النذر اليسير ومع ذلك كان أداؤنا لا يقل عن تلك المستويات سواء علي مستوي أداء الجهاز الفني أو علي مستوي أداء الفريق في الملعب.. وكان هذا من أعظم الدروس المستفادة أننا لو أحسنا اعداد أنفسنا واخترنا بمعطيات العصر فسوف نتفق وننجح بقدراتنا وإمكاناتنا وفقا لأعلي وأرقي المستويات السائدة في الزمان والمكان..نعم نستطيع أن نتفوق بالمقاييس والمعايير الدولية. ثالثا: إن الثقة في النفس انما تتحقق وتنمو بتحقيق الانجازات الكبري والتشجيع والرعاية والدعم والمساندة من كل الأطراف. ذلك أن الكلام وحده لا يصنع الثقة وانما الفعل والانجاز ومن هنا فقد تفجرت روح الإرادة وتدعمت الثقة بعد كل ومع كل انجاز كان يتحقق في مسيرة البطولة. ومن هنا فإن علينا ان نهتم بتحقيق انجازات كبيرة حتي تتولد لدينا الثقة في النفس وحتي تنمو تلك الثقة وتستقر.. وهذا درس مستفاد مما حققه فريقنا الوطني.. لقد كان الأمل يتأكد والثقة تنمو عقب كل انجاز يتحقق ومن هنا فإذا أردت أن تدعو الناس للمشاركة والالتفاف حول قضية أو هدف فإن عليك ان تحقق انجازات يرونها ويشعرون بها حتي يقبلوا ويشاركوا بكل جهد وكل حب وكل عزيمة وإرادة. رابعا: ان الناس يمكن أن يتجمعوا حول أهداف كبري اذا أدركوا انهم يملكون الجهد المخلص لتحقيق القدر الاكبر منها.. ووقتها لن يستمعوا لأي أصوات تشكك أو أية محاولات تفرق أو تثبت الاحباط وتقتل الأمل ومصر أيها -السادة -وطن له تاريخ.. ومصر ايها السادة وطن فيه المواهب في مختلف المجالات ومصر أيها السادة وطن استطاع ان يحقق انجازات عملاقة ويستطيع ان يواصل مسيرة النهضة والبناء.. علينا أن نثق في ذلك وعلينا ان نعيد هيكلة اشياء مهمة في حياتنا لاعادة الثقة في ذلك واستطيع هنا ان أعدد عشرات الأسماء اللامعة في مختلف مجالات النشاط في مصر وخارج مصر من أبناء هذا الوطن علي مر التاريخ وحتي الآن.. لكن ما نسعي إليه هو المشاركة المجتمعية والأداء الجماعي.. لم يكن لدينا أيها السادة أحدث الاسلحة في حرب أكتوبر المجيدة ولكننا حققنا نصرا أعاد لنا ولأمتنا كرامتها.. ويوم تريد الشعوب يستجيب القدر وليتنا نستعيد روح أكتوبر في كل أمور حياتنا: حسن الاعداد وروح الفريق والعمل الجماعي والثقة في أنفسنا والتوجه إلي الله بكل رجاء ونحن واثقون بالاجابة.. أيها السادة الناس في بلدي تريد لهذه الحالة الخاصة من التوهج التي صاحبت فرحتنا بالفوز بالبطولة أن تستمر وأن تمتد إلي مختلف المجالات والأنشطة.. وهذا أروع ما يمكن أن يحدث لنا.. والسؤال من الذي يستطيع أن يمسك بهذه الحالة وان يجعلها النغمة السائدة في حياتنا ومختلف شئوننا؟ والاجابة كما أراها أيها السادة أننا جميعا مسئولون عن ذلك ونستطيع تحقيقه فالحكومة لها دور والاحزاب وعلي رأسها حزب الأغلبية لها دور وقطاعا الإنتاج العام والخاص لهما دور ومنظمات المجتمع المدني لها دور.. ويحتاج الامر هنا إلي دور داعم ومساند من الاعلام بمختلف أدواته وقنواته وأنما أدعوا لتكوين "مجلس خاص" من حكماء لوضع آليات وتصورات لكي نمسك بتلك الحالة من التوهج في كل شئون حياتنا وأقسم لكم أننا لو فعلناه فسوف ننجح وسوف تنطلق الاغاني في كل ربوع بلادنا مع كل إنجاز يتحقق. وهناك قضايا وأولويات يمكن أن نضعها في هذا الصدد نذكر منها.. مبادرات مجتمعية لتوفير فرص عمل حقيقية. مبادرات مجتمعية لتوفير آليات لضبط الاسواق. مبادرات مجتمعية لضبط مسار الدعم ليصل لمستحقيه فقط. مبادرات مجتمعية لنشر التنمية في مختلف ربوع مصر. تلك مجرد أمثلة.. ونعم نحتاج إلي من بضع كل هذا في مكانه ويقود خطانا جميعا نحو غد أفضل ومرحبا بكل أقتراح وكل رؤية في هذا الصدد لكي نبقي هذه الشعلة منيرة وهي مازالت بين أيدينا.