الكتب والنشرات وكلام الوعاظ قبل أداء مناسك الحج تسبب مشكلة كبيرة للحجاج عند الاصطدام بالواقع سواء في أداء الطواف أو السعي أو في أيام التصعيد والنفرة إلي مزدلفة ومني. الكتب والنشرات والكلام الذي نشير إليه يشرح رحلة الحج كما كانت في قديم الزمان والاعداد قليلة والمكان في مكة واسع بالنسبة لها كما أن وسائل النقل والمواصلات كانت لا تسمح بانتقال الاعداد الكبيرة إلي الأماكن المقدسة لأداء مناسك الحج. الآن الحج بالطائرات والبواخر والحافلات السريعة واختصار مدة الحج إلي وقت يتراوح بين سبعة أيام وشهر جعل عدد الحجاج الذين يصلون إلي السعودية لأداء فريضة الحج يصل إلي نحو ثلاثة ملايين حاج وهذه الاحصاءات الرسمية لا تعني عدم وصول الاعداد إلي ما يقرب من الاربعة ملايين حسب تقديرات بعض الاشخاص المتابعين لمواسم الحج في كل عام وقال لي بعضهم إن العدد الفعلي لا يقل بأي حال عن أربعة ملايين. والحقيقة أنه من جانبها تقوم السلطات السعودية بتوفير كل الامكانيات لانجاح موسم الحج ومعالجة المشكلات التي تظهر في كل موسم لتجنبها في الموسم التالي وتعبر عن سياستها تلك بالملصقات ومكاتب التوجيه المنتشرة في كل مكان وكذلك في دليل مطبوع يوجه الضيوف إلي عدم التزاحم وعدم افتراش الأرض والرمي في أي وقت والمبيت في أي مكان. إن التيسيرات التي أقرتها جماعة العلماء في السعودية توفر العناء والمشقة وتوائم بين الأداء الصحيح للمناسك وبين ظروف المكان والزمان وتعتمد التيسير الذي أقره سيدنا رسول الله في حجة الوداع كمنهج لرفع الحرج عن أمة المسلمين عند الازدحام أو ضيق المكان. والواقع أن التيسيرات في البنية الاساسية قامت به السلطات السعودية علي خير وجه بتوفير السقاية فلم يعد وجود الماء يمثل مشكلة لا في الحرم المكي ولا في عرفة ولا في مزدلفة أو مني بل إن طريق المشاة من عرفات إلي مني به دورات مياه وضوء ومياه شرب مبردة كل نحو 500م من الطريق الذي يبلغ طوله نحو 11 أو 12 كيلو مترا. الساحات حول الحرم المكي متسعة ونظيفة وأعمال الصيانة والنظافة مستمرة علي مدار ال24 ساعة. المستشفيات والمراكز الطبية في مكة وفي عرفات ومني متوافرة لكل من يحتاجها تقدم الخدمة الطبية والدواء بالمجان. المبرات أي المراكز الخيرية لتوزيع الطعام مجانا لكل من يطلبه متوافرة في كل مكان كإنشاءات ثابتة أو سيارات ضخمة متنقلة توزع الوجبات الجافة والساخنة بالمجان. كل ما يمكن حله من المشكلات المادية تقوم به السلطات السعودية لتتبقي المشكلات السلوكية الوافدة مع الحجاج ولنا عودة.