كل عام وأنتم بخير.. بدأ الحجاج المصريون إلي بيت الله الحرام يتوافدون علي الأراضي المقدسة في رحلة هي رحلة العمر لمعظم الذين يسافرون.. بعضهم لم يخرج من بلده إلا لأداء فريضة الحج ضمن أفواج حجاج القرعة الذي ترعاه الدولة وتشرف علي تنظيمه وزارة الداخلية. مع اقتراب موعد الوقوف بعرفة يتزايد التدفق إلي مكةالمكرمة حيث تبدأ مناسك الحج بالطواف حول الكعبة ثم يمضي كل واحد إلي ما جاء إليه فإذا كان متمتعا بالعمرة إلي الحج فإنه بعد الطواف يسعي ويشرب من زمزم ويصلي في مقام إبراهيم.. ثم يتحلل من احرامه حتي يأتي يوم التصعيد إلي وعرفات حيث "عقدة الحج" المكانية والزمانية. الاقامة بمكة هي اقامة عادية يسكن الحجاج مع بعضهم البعض في مجموعات تتراوح بين خمسة أو ستة أفراد حسب مساحة الغرفة، وهذه المسائل حددتها السلطات السعودية بتخصيص مساحة معينة لكل حاج لا يجب أن ينتقصها أحد. أما الموقف في عرفة ومني فهو مختلف لأن الحجاج يتواجدون بكامل أعدادهم في بقعة محدودة المساحة وفي زمن معين محدد وعليهم واجبات يجب أداؤها من مناسك الحج مثل رمي الجمرات بدءا من العقبة الكبري بعد النزول من عرفة ورمي الجمرات في أيام التشريق. ونقول ان هذه الأيام القليلة وهذا المكان هو عقدة الحج نظرا لقلة التوعية التي يتلقاها الحجاج حول هذه الفترة بالذات، أو تضارب ما يصل إليهم من فتاوي ومعلومات.. وبالطبع فالكل يكون حريصا علي أداء المناسك بشكل يعتقد أنه صحيح وهنا تحدث المشكلات. معظم الكتب والنشرات التي يتداولها الحجاج تكون مكتوبة نقلا عن كتب قديمة أيام كان الحج يقوم به نفر محدود يقدر بآلاف أو المئات، لكن الآن المسألة اختلفت وأصبح الحج بالملايين علي نفس البقعة من الأرض. لك أن تتخيل ساحة الحرم حول الكعبة المشرفة يطوف حولها فيضان من البشر ينبغي علي كل منهم أن يبدأ أشواطه السبعة من نقطة معينة وينتهي إليها. لا يستطيع من لم يحضر هذا المشهد المهيب أن يتخيل حجم الزحام وكمية البشر الذين تجمعوا في صحن المسجد الحرام.. ومع هذا الزحام يصر البعض علي التعلق بأسعار الكعبة كما تقول الكتب والنشرات أو أن يضع صدره علي الملتزم وهو باب الكعبة ثم يدعو بما شاء الله له أن يدعو، أو يقاتل قتالا ليصل إلي الحجر الأسود ليقبله.. وليس من المناسك المفروضة شيء من هذا.. فيكفي الاشارة إلي الحجر الأسود.. وبعض الناس تطوف في الدور العلوي الأول أو الثاني وطوافهم صحيح وحجهم صحيح بإذن الله.. ولنا عودة.