لو سألت شابا من شباب هذه الايام عن طه حسين فلن يعرف عنه شيئا.. ولو قلت لشاب اخر من هو العقاد فلن تجد عنده الاجابة.. واذا اردت ان تعرف المستوي الثقافي بشبابنا فلن تجد اكثر من اغاني الفيديو كليب والافلام الهابطة ومسلسلات النوم في العسل.. وانا اخاف دائما من النسيان.. سمعت يوما كاتبنا الراحل توفيق الحكيم يحكي قصة طريفة.. قال كنا طه حسين وانا نقضي الصيف في احد شواطئ فرنسا وكانت الصحف تأتينا كل اسبوع مرة واحدة.. وكنت اجلس مع طه حسين اقرأ له اخر الاخبار السياسية وماذا حدث في مصر وكان طه حسين يسألني ماذا كتبت الصحف عنا فلا اجد شيئا فيها.. ومرت شهور دون ان تذكرنا صحيفة واحدة من الصحف بخبر او حكاية وقال لي طه حسين في آخر الرحلة هل ادركت يا توفيق قيمتنا في هذا البلد ان اسوأ ما في المصريين النسيان فإذا كان هذا التجاهل يحدث ونحن احياء نرزق بينهم فماذا سيحدث بعد ان نموت.. وتذكرت هذه القصة وانا اتابع ما كتبت الصحف في الذكري الاولي لرحيل كاتبنا الكبير نجيب محفوظ في الاسبوع الماضي.. كان التجاهل واضحا وكانت اسراب النسيان تتسلق الي ذكري الرجل وكانت التفاهات تملأ كل شيء حولنا وبدت ذكري محفوظ شبحا يبدو من بعيد وخلفه طابور طويل من الوجوه التي نسيناها وطوينا صفحتها.. مرت ذكري نجيب محفوظ دون احتفالية تليق او برنامج تليفزيوني مناسب او سهرة مع اعماله او لقاء مع تلاميذه وعشاقه. تذكرت حكاية توفيق الحكيم وطه حسين وقلت ها هو نجيب محفوظ يلحق بركب النسيان الذي حمل يوما رموز هذا البلد في كل مجالات الابداع.. وهذه هي مصر التي كان الحكام الفراعنة فيها يشطبون صفحات التاريخ ويضعون اسماءهم فوق اسماء من سبقوهم من الحكام حدث هذا في العصر القديم وحدث في العصر الحديث وسوف يحدث في الزمان القادم انها آفة النسيان.