عندما ينتهي في الربيع القادم بناء أعلي ناطحة سحاب صينية في مدينة شنغهاي ستكون هذه الناطحة رمزا لقوة الصين الاقتصادية وأهمية علاقاتها مع اليابان. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان بناء هذه الناطحة استغرق نحو عقد من الزمان وان الشركة التي قامت به هي شركة موري اليابانية وسيطلق علي ناطحة شنغهاي اسم المركز المالي الدولي وقد بلغت تكلفتها 1.1 مليار دولار وتعتبر حتي الآن ابرز علامة مرئية علي عمق جذور الشركات اليابانية في الصين فقد كانت الشركات اليابانية من أوائل الشركات التي ذهبت الي الصين عندما فتحت أبوابها للاستثمار الاجنبي منذ ثلاثين سنة واليوم صارت اليابان ثالث أكبر مصدر للاستثمارات الاجنبية المباشرة في الصين بعد هونج كونج وجزر فيرجنيا اكثر من ذلك فإن الصين قد فاقت الولاياتالمتحدة أخيرا لتصبح أكبر شريك تجاري لليابان. ومع ذلك فإن جاذبية الصين كمكان للصناعات التحويلية وكسوق جديد ضخم ليست أمرا متفقا عليه بين كل الشركات اليابانية فبعض هذه الشركات تقوم بنقل عملياتها الي بلدان اخري غير الصين أو حتي تعود بها إلي داخل اليابان ولذلك فإن استثمارات الشركات اليابانية في الصين هبطت 30% في عام 2006 لتصبح 4.5 مليار دولار فقد بعد ان كانت 6.5 مليار دولار في عام 2005 وذلك حسب ارقام وزارة التجارة الصينية. وعلي سبيل المثال فإن شركات الالكترونيات اليابانية كلها لديها مشروعات في الصين ولكن معظم هذه المشروعات مجرد عمليات تجميع لتكنولوجيات منخفضة اكثر منها انتاج لتكنولوجيات متقدمة ولا يرجع السبب في ذلك إلي حرص الشركات علي توفير فرص العمل للعمال اليابانيين بقدر ما يرجع الي شيوع جرائم سرقة الملكية الفكرية في الصين وهناك سبب آخر لذلك وهو حرص الشركات اليابانية علي زيادة قدرتها التنافسية عن طريق الجمع داخل الوطن بين التصنيع عالي الكفاءة وبين مكونات الملكية الفكرية للابتكارات الداخلة في عملية التصنيع اضف الي ذلك ان الصناعات عالية التكنولوجيا عادة ما تكون قليلة العمالة ولن يمكنها بالتالي ان توفر الكثير من التكاليف بالانتقال الي أسواق العمالة الرخيصة وفوق كل ما تقدم فإن الحكومات المحلية في اليابان عادة ما تقدم حوافز مغرية للشركات التي تفتح مصانع جديدة في اليابان. وتذكر مجلة "الايكونوميست" ان شركة ريكوه اليابانية وهي شركة للمعدات المكتبية تقوم بتجميع المعدات منخفضة التكنولوجيا في الصين في حين تحتفظ بانتاجها عالي التكنولوجيا في اليابان ومنذ أيام أعلنت شركة كانون عزمها علي انشاء مصنع لانتاج الاجهزة البصرية الحساسة في اليابان يتكلف 450 مليون دولار كذلك فان شركة شارب تنتج شاشاتها LCD ضي الي 77% فقط وأعلن 2% عزمهم علي إعادة النظر في عملياتهم داخل الصين وفي مسح آخر عن رأي الشركات اليابانية في انسب مكان للاستثمار حظيت الصين بنسبة 91% عام 2004 ثم انخفضت هذه النسبة في العام الماضي الي 77% فقط في حين حدثت زيادة ملموسة في تفضيل الشركات اليابانية لكل من فيتنام والهند كمكان للاستثمار وترجع هذه التطورات جزئيا الي ان الصين صارت مكانا اكثر كلفة عن ذي قبل بالمقارنة الي غيرها من البلدان الآسيوية كما توجد في الصين أيضا مشاعر شعبية معادية لليابانيين منذ حقبة الاستعمار الياباني لتلك البلاد. ويمكن القوم ايضا أن اختلاف أساليب وقيم العمل تلعب دورا في تراجع الاستثمار الياباني في الصين ومن ذلك انك في الصين لابد أن تكيب كل شيء في حين ان اليابانيين اعتادوا علي احترام كلمة الشرف في العمل دون الكثير من التدوين. وباختصار فإن الشركات اليابانية بدأت تنصرف عن السوق الصيني لتذهب إلي الاستثمار في أسواق أخري سواء داخل آسيا أو حتي خارجها.