بدأت مايكروسوفت أخيرا معركة ضد شركات البرمجيات المجانية سوف يكون ضحيتها في نهاية الأمر المستهلكين سواء كانوا أفرادا أو شركات. وتقول مجلة "فورتشن" إن الشركات الأمريكية تفضل استخدام البرمجيات المجانية لأنها غالبا من نوعية جيدة.. فهناك مجموعة كبيرة من صناع البرمجيات بعضهم أفراد وبعضهم شركات كبيرة مثل IBM تسهر علي تطوير البرمجيات المجانية وتقديم نماذج جديدة منها وربما لهذه الأسباب فإن نحو نصف شركات فورتشن 500 تستخدم نظام التشغيل المجاني "لينوكس" وغيره من البرمجيات المماثلة. وفي حين تري شركات البرمجيات المجانية أن هذه البرمجيات مجرد معرفة لا يجب أن تباع وتشتري فإن مايكروسوفت صنعت نفسها وثروتها من بيع هذه البرمجيات. ويقول هوراشيو جوتيريه مدير التراخيص في مايكروسوفت إن شركات البرمجيات المجانية سطت علي 235 من ابتكارات مايكروسوفت المرخصة وأن عليها وعلي المستهلكين أيضا دفع رسوم مقابل هذا السطو غير القانوني لأنه لا يوجد في رأيها شيء اسمه البرمجيات المجانية. ولكن إيبن موجلين أستاذ القانون والمستشار القانوني لمؤسسة البرمجيات المجانية FSF له رأي مخالف فهو يعتبر البرمجيات نوعا من اللوغاريتمات الرياضية التي يجب ألا يتم ترخيصها وأنه يمكن إثبات بطلان تراخيص البرمجيات التي تملكها مايكروسوفت بطرق متعددة وذلك علي الرغم من أنه لم تعرض علي المحكمة الأمريكية العليا حتي الاَن أية قضية من هذا النوع وبالتالي فلا توجد سوابق قضائية يمكن الاسترشاد بها. ومع ذلك فإن للمحكمة العليا رأيا غير رسمي عبرت عنه في ابريل الماضي بالإجماع وهو أن العقدين الأخيرين شهدا تسرعا في إصدار التراخيص وإن كثيرا منها غير صالح قانونا.. كذلك يري كثير من الخبراء المتميزين بالنزاهة أن تراخيص البرمجيات يمكن إبطالها قانونا أمام المحاكم وهذا كله يعزز رأي موجلين.. وربما لهذا السبب أيضا فإن مايكروسوفت لم تلجأ إلي القضاء حتي الاَن. وإذا لجأت مايكروسوفت إلي مقاضاة شركة ريدهات الموزعة لبرنامج التشغيل لينوكس فسوف تتصدي لها شركات عديدة بقضايا مضادة لإثبات بطلان ما تمتلكه من تراخيص. وتذكر مجلة "فورتشن" أن 6 شركات هي IBM وسوني وفيليبس ونوفيل وريدهات إلي جانب NEC قد اجتمعت عام 2005 ودرست كيفية الرد علي مايكروسوفت بإبطال تراخيصها إذا ما قررت أن تلجأ إلي القضاء تحت مظلة قوانين حماية الملكية الفكرية. ومن الواضح أن ما يحدث حتي الاَن هو نوع من الحرب الباردة التي تشنها مايكروسوفت علي شركات البرمجيات المجانية وما يحول دون تحولها إلي حرب ساخنة أمام القضاء هو إدراك الطرفين أن التدمير سيكون متبادلا وأن الغرامات لن يدفعها طرف دون الاَخر. ويقول موجلين إن هذه المعركة أشبه بصندوق تندورا المليء بالشرور ومن يفتحه سوف يكتوي بناره مثل الاَخرين. وتجدر الإشارة إلي أن فكرة استصدار التراخيص للبرمجيات فكرة جديدة نسبيا وهنا يقول براد سميث مستشار مايكروسوفت القانوني إن شركات البرمجيات كانت تعتمد في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي علي قانون حماية حقوق النسخ وأن خبراء القانون كانوا يعتقدون أن البرمجيات غير قابلة للترخيص ولكن هذا الوضع تغير في التسعينيات وبدأت شركات البرمجيات تلجأ إلي التراخيص.. ولما كان الترخيص يصدر للأشياء المبتكرة فإن البرنامج الواحد قد يشتمل علي عدة تراخيص. وفي عام 2002 الذي أصبح فيه سميث مستشارا لمايكروسوفت كان لدي الشركة 1411 ترخيصا زادت في عام 2004 لتصبح 3780 ترخيصا. ويذكر سميث أنه في عام 2003 رفضت مايكروسوفت مقاضاة الشركات التي تنتهك هذه التراخيص وقررت بدلا من ذلك عقد اتفاقات تسمح للشركات الأخري باستخدام ابتكاراتها المرخصة بمقابل أو حتي بدون مقابل ولكن انتشار استخدام البرمجيات المجانية دفع قادة مايكروسوفت إلي إعادة التفكير في الأمر. وقد حاولت مايكروسوفت بالفعل الحصول علي رسوم من الشركات التي تستخدم برنامج التشغيل لينوكس ولكن أحدا لم يستجب لها وعندما اتجهت إلي موزعي هذا البرنامج لم يستجيبوا لها أيضا باستثناء شركة واحدة هي شركة نوفيل فهل تتوج مايكروسوفت حربها الباردة باللجوء إلي القضاء أم تكتفي بالتقاط الثمار التي تسقطها الحرب الباردة في الطريق.