علي طريقتها للتنكيد علي العرب والمسلمين في ذكري حرب يونية الشهيرة تجري الأيام الستة عند إسرائيل، والمسماة بالنكسة عند العرب لجأت إسرائيل إلي الاحتفال بذكري توحيد مدينة القدس. وكانت إسرائيل قد استولت علي القدس العربية "القطاع الشرقي من القدس" في حرب يونية وكان قبل ذلك تحت الإدارة الأردنية ضمن الضفة الغربية لنهر الأردن التي احتلتها اسرائيل بالكامل في الحرب واستولت علي القدس وأعلنت ضمها إلي اسرائيل وتوحيد المدينتين إلي غير رجعة. والقدسالشرقية حيث يقع المسجد الأقصي مطلب عربي وإسلامي لا يمكن التنازل عنه والمقترح في جميع الحلول السلمية ان تكون الدولة الفلسطينية عاصمتها القدسالشرقية. ويعلن العرب والمسلمون في كل مناسبة أنه لا تنازل عن القدس أبدا.. أبدا.. ومضي علي هذا الكلام أربعون عاما بالتمام والكمال ويعلم الله كم سيمضي من الوقت قبل أن تظهر في الأفق بارقة أمل لحل هذه المشكلة المستعصية. ويبدو أن الأمل ضعيف جدا في عودة القدس العربية مرة أخري نظرا لما يحدث يوميا في تغييرات في ملامح الأرض والتركيبة السكانية فقد وضعت إسرائيل سياسة طويلة المدي لتهويد المدينة المقدسة. وهذه الخطة الاسرائيلية تعتمد أساسا علي سلوك الفلسطينيين أنفسهم الذين انفرط عقدهم وأصبحوا يتقاتلون باستمرار حتي ذهبت ريحهم، والمسلمون والعرب يعيشون حقبة تخلف فظيعة وقد انحدرت ثقافتهم إلي القاع وسيطر عليها العودة في الزمن 14 قرنا أو يزيد وبالتالي زاد الانفصال والهوة بينها وبين العالم المتقدم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأضاعوا عظمة العقيدة الإسلامية وبساطتها المعجزة في اتجاهات فكرية مريضة وخلطوا بين العقيدة المقدسة وبين الموروث الثقافي وبين التاريخ الإسلامي ليصنعوا خليطا عجيبا منفرا ينذر بكارثة وخاصة مع انتشار فلسفة انتحار الناس بالقوة وقتلهم "جماعة" بالسيارات المفخخة والأحزمة الملغومة. اسرائيل تستفيد من الوقت الذي يضيعه العرب والمسلمون وتغير طبيعة الأرض والسكان وبعد وقت وجيز لن نجد شرقية ولا غربية بل نجد قدسا يهودية لن نجد ضفة ولا غزة بل نجد مستعمرات ومستوطنات مع النمو السكاني للدولة اليهودية واليأس الذي يصيب الفلسطينيين فيرحلوا أو يقتلوا بعضهم البعض. للأسف بعد أربعين عاما علي حرب يونية 67 التي أضاعت القدس والمقدسات لم ينتبه المسلمون والعرب إلي الخطأ الذي وقعوا فيه واستمرأوا الخلف والانكفاء علي الذات وأظن أن الله سبحانه وتعالي لن يغفر لهم ذلك أبدا.