علي نجيب في عام 1912 كانت بعثة آثار ألمانية تقوم بالتنقيب عن الآثار في منطقة تل العمارنة التي كانت اسمها "أخت أتون" وقت الفرعون اخناتون. في ذلك الوقت كان يسمح للمكتشفين الأجانب أن يأخذوا نصيبهم من القطع المكررة وغير النادرة عثرت هذه البعثة علي تمثال نفرتيتي داخل إحدي ورش الفنانين القدماء وكان التمثال في حالة سيئة وقامت البعثة الألمانية بعملية تمويه وتشويه متعمد وتمت تغطية التمثال كله بقطعة من الطين وشحن ضمن مجموعة من الكسرات والنقوش الجدارية والقطع الصغيرة إلي ألمانية. ما قامت به البعثة الألمانية لا يمكن وصفه إلا بالتحايل والغش للاستيلاء علي ما لا يخصهم أي عملية سرقة آثار. هؤلاء الغربيون يرتكبون الجرائم بضمير مستريح مادام الطرف الذي كان ضحية جريمتهم أضعف من أن ينالهم بالعقاب الذي يستحقونه. منذ عام أقيم في برلين معرض للكنوز المصرية الغارقة وهي القطع التي تم انتشالها في بحر الإسكندرية بين أبو قير والميناء الشرقية وافتتح المعرض الرئيسان المصري والألماني وفي حضور الرئيسين تكلم الدكتور زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار علي استحياء طالبا زيارة رأس نفرتيتي لمصر بمناسبة افتتاح معرض الآثار الجديد المزمع افتتاحه في منطقة الهرم. رد فعل الألمان أنه من المستحيل خروج تمثال نفرتيتي وقال بعضهم إن الجميلة إذا ذهبت إلي مصر فلن تعود. لعل الدكتور حواس يدرك أن الأشياء المسروقة لا تستعار بل تسترد. أما رد وزارة الثقافة الألمانية الذي لم تصرح به إلا بعد سنة فهو من ناحية مما يطلق عليه يكاد المريب يقول خذوني ومن ناحية أخري يحمل قدرا من الصفاقة يحسد عليه. فهو يدعي أن التمثال وصل ألمانيا بطريقة شرعية. أليس تأكيد تلك الطريقة الشرعية فيه رد علي اتهام لم يوجهه الدكتور حواس وأن المسئول الألماني يعلم أن التمثال خرج من مصر بطريقة الغش والتحايل. أما عن الصفاقة فهو ادعاء الخوف علي التمثال من التلف إذا تم نقله إلي مصر. أليس غريباً مثل هذا الادعاء في حين أن مدير المتحف المصري في برلين حاول وضع الرأس المصنوع من الحجر الجيري علي تمثال عاري من البرونز باعتبارها أحدث صيحة في الفنون أي آخر موضة مثل هذا الجهل والعبث بالآثار لا تسمح لهم بالخوف علي التمثال من التلف إذا نقل إلي مصر. لعل أقل رد علي البيان الصحفي الذي رفض فيه وزير الثقافة الألماني إعارة التمثال لمصر هو أن يقرر الدكتور حواس بصفته أمين مجلس الآثار حرمان أي بعثة آثار ألمانية أن تقوم بالتنقيب عن الآثار في مصر بل حرمان أي بعثة يشارك فيها أي عالم ألماني. ولكن من ناحية أخري أليس غريبا أيضا أن يتم توزيع كتاب يدعي أن اليهود هم الذين بنو الهرم في مدرسة من تلك المدارس "الخاصة" التي سمح بقيامها في زمن الخصخصة. وإذا كانت مصر تسمح بتشويه تاريخها الوطني وإذا كانت تسمح بالعبث بذلك التراث أليس ذلك مما يشجع علي التطاول عليها؟ هل من المعقول أن يضطر الدكتور حواس إلي رفع قضية علي المدرسة؟ أين وزارة التربية والتعليم؟! وكيف لم تتخذ الإجراءات التأديبية قبل إدارة هذه المدرسة بل كيف سمح للمدارس الأجنبية أن تقوم أصلاً وكيف لا تلتزم المدارس بأساسيات التاريخ المصري والتربية الوطنية واللغة العربية أم أننا نفسد شبابنا أو نحوله إلي خدمة مصالح العولمة؟! هل استرداد تمثال أثري مسروق هو الواجب الأول أم الحفاظ علي التراث القومي في الوقت الذي يتعلم النشء تاريخ أوروبا بدلا من تاريخ مصر.