تحتل مصر المرتبة رقم 58 في السياحة العالمية، هذا ما أكدته منظمة السباحة العالمية طبقا للاحصائية الصادرة من المنتدي الاقتصادي الدولي، والخبر سبقت "العالم اليوم" بنشره ونقلته عنها معظم وسائل الاعلام. ما أثار حفيظة معظم الكتاب والمحللين ان دبي تقدمت في الترتيب علي مصر من حيث عدد السياح والدخل والمعايير والاجراءات التي تجعل الدولة قادرة علي تطوير صناعة السفر والسياحة. مصر في الموقع 58 ودبي في الموقع 18 والسؤال المطروح هل هذا دليل ضد السياحة في مصر أو دليل علي تفوق السياحة في دبي؟ والسؤال الأكثر أهمية ما أسباب تفوق السياحة في مدينة لايزيد حجمها عن أحد أحياء مصر المتوسطة ولا تتمتع بأي من نفائس مصر من الآثار والشواطئ والجو، ولا يتعدي عدد فنادقها عدد فنادق القاهرة وحدها؟!! والأمر ليس سرا فتفوق دبي جاء ثمرة لعدة قرارات جف ريقنا في محاولة اقناع القائمين علي السياحة والطيران في مصر ان يتبنوها دون فائدة، وهي السماوات المفتوحة وسياحة الترانزيت واليخوت وسياحة المراكز المالية، والدليل علي قولي هذا مدينة نيويوركالأمريكية وجنيف اللتان تحظيان بأكبر عدد من الوارد السياحي إلي الدولتين لأن كلا منهما مركز المال والأعمال. هذا عدا هونج كونج وغيرها من الدول السياحية التي تهتم اهتماما كبيرا بالوارد السياحي والذي يعتبر العائد منه أحد دعائم اقتصاده وتفوقه. أما العامل المهم الذي جعل إمارة صغيرة تتفوق علي مصر فهي خطة الدعاية والإعلان والأجندة السياحية الذاخرة بالمناسبات من مهرجانات وملتقيات وتفهم لرغبة السائح.. فالممنوعات قليلة مادمت أنك لا تمس العائلة المالكة أو تتاجر في المخدرات أو الدين، هكذا وببساطة استطاعت دبي أن تتفوق علي مصر بل وعدد كبير من الدول التي تنعم بالآثار والتاريخ والحضارة والجو المعتدل والشواطئ الخلابة. ومن يقارن يجب أن يدرك أن دبي لا تعاني من أمراض الدول الكبري مثل الانفجار السكاني والتطرف الديني اللذين باتا يهددان التنمية فما بالك بالتنمية السياحية. ويجيء تفوق دبي علي مصر علي الرغم من الثوابت التي تحفظ لمصر تميزها أن الثوابت في مصر والثراء النادر لعناصر منتجها السياحي في الموقع والموضع أي بالتاريخ والجغرافيا وأيضا بالبشر، وهي كنوز من النادر أن تجتمع في بلد واحد، من الآثار الكاشفة عن تألق وإبداع الحضارة الواحدة متعددة الروافد من فرعونية إلي يونانية إلي رومانية إلي مسيحية قبطية إلي إسلامية، وهو ما يؤكد انه ليس هناك بلد واحد يتميز بطبيعة ثرية تتجاور فيها الصحراء مع الوادي الخصيب مع سلسلة جبال ذات التشكيلات والألوان البديعة مع الشواطيء العذراء الممتدة علي ساحل البحر الأبيض والأحمر، وحوائط المرجان ونهر النيل والبحيرات والواحات خاصة وبحيرة السد العالي التي يطلق عليها البعض بحر النوبة من فرط اتساعها وعمقها كل هذا الثراء الفاحش وغيره كثير يدفع الكثيرين الي الحزن والتساؤل: لماذا مع كل هذا تكون مصر في المرتبة ال 58 علي العالم وهي الأولي بكل ما لديها من أن تكون من الدول العشرة الأوائل في عالم صناعة السياحة بل وتتفوق امارة صغيرة عليها بأربعين نقطة في الترتيب. تفوقت دبي علينا بالدعاية والإعلان الرشيد ووضعت مليارا أو يزيد لخطة دعايتها وزاد الوعي بأهمية السياحة بوصفها صناعة تصديرية كثيفة العمل ذات أثر مضاعف وتسمح بآفاق أوسع للتنمية. إذاً الأسباب واضحة فقد تقاعسنا في خطة الدعاية وتأخرنا في اقرارها ولانزال الي الآن نتخبط فيها ناهيك عن تأخر سياحة المؤتمرات وإلغاء الاجندة السياحية وعدم تقديم جديد يحل محلها وكثافة المرور واحتكار الطيران وعدم احترام خصوصية السائح وعدم الاهتمام بالمراسي وسياحة اليخوت وسياحة الترانزيت. هذه هي أسباب تأخر وضع مصر في قائمة السياحة العالمية وهكذا تفقد مصر يوميا مكانتها الدولية في السياحة ويجب ان نسرع في حل مشاكل السياحة في مصر حتي لا تفقد الميزة التنافسية الوحيدة التي تملكها مصر في العالم اليوم.