ساهمت عروض شراء شركة اسمنت قنا في تحريك المياه الراكدة في قطاع الاسمنت بوجه خاص وفي السوق بوجه عام حيث ارتفع سعر تداول سهم الشركة ليتجاوز قيمة العرض الأول المقدم للشراء بزيادة أكثر من10 جنيهات وساهم العرض الثاني في ازدياد حدة المنافسة مع الترقب بوجود عرض ثالث. وساهمت العروض ايضا في الدفع بحركة القطاع ككل حيث استحوذ قطاع البناء والتشييد في آخر أيام تداول اسبوع عرض الشراء الأول علي7.9% من اجمالي التداول في ذلك اليوم بما يعادل 38 مليون جنيه وانتعش السهم مسجلا خلال ذلك الأسبوع ليسجل15.52% زيادة حيث ارتفع الي 63.57 جنيه مقابل55.03 جنيه قبل العرض. وقد أجمع الخبراء ان العرض اعاد التقييم للقطاع ككل والبعض يتفاءل بعودة النشاط مرة أخري للقطاع رغم التصريحات الحكومية بعدم بيع حصص المال العام في الاسمنت. ويري البعض الآخر ان العروض ساهمت في زيادة موجة المضاربات التي تقود حركة التعامل بين الافراد وهو الذي يفسر التكالب المحموم علي شراء السهم. يقول مصطفي بدرة المدير التنفيذي لشركة اصول لتداول الأوراق المالية أنه حدث تسابق محموم علي السهم من وقت الاعلان عن عرض الشراء يشمل ذلك الافراد بصفة اساسية بالاضافة الي المؤسسات ايضا. ويري ان عرض الشراء المرتفع بما يزيد علي نحو11 جنيها في سهم الشركة ساهم في حدوث هذا الاقبال المحموم من المساهمين علي شرائه بهدف جني ارباح رأسمالية من فرق سعر الشراء عند تنفيذ الصفقة لاسيما ان قطاعا كبيرا من التداول في البورصة يعتمد علي هذه المضاربات. ويقول ان حركة الشراء المتدفق منذ العرض استمرت بصورة كبيرة حتي تم الاعلان عن عدم رغبة الحكومة في بيع الشركة القومية للاسمنت وعن أي حصص مال عام في شركات الاسمنت. المضاربات وذكر بدرة ان العروض المقدمة لشراء اسمنت قنا والتي باءت بالرفض من الحكومة هي صفقات المستفيد الاوحد منها هو المستثمر الذي يسعي لتحقيق اقصي استفادة ممكنة دون النظر الي الاثار الجانبية لهذه الصفقة. ووصف بدرة العروض المقدمة لشراء اسمنت قنا بانها عروض تبحث عن الاستثمار غير المباشر اي شراء شركة او حصة في شركة وهو مايراه المستثمر انه افضل كثيرا من انشاء شركة جديدة او اقامة مصنع حتي يستطيع التخلص من العقبات والمعوقات الروتينية من جهة ومن جهة اخري الانفراد والاحتكار لهذا النوع من الاستثمار. واكد بدرة ان لهاث المستثمرين وتقديم العروض لشراء جميع اسهم اسمنت قنا ما هو الا محاولة للاستحواذ التام علي صناعة الاسمنت ولاسيما الاستحواذ علي اهم عنصر في صناعة مواد البناء وما هي الا محاولة للاحتكار التام لهذه الصناعة وتحكم المستثمر فيها. ونفي بدرة وجود اي استفادة للحكومة والاقتصاد المصري بصفة عامة من تنفيذ مثل هذه الصفقات والتي يعود نفعها علي المستثمر فحسب دون وجود اي جدوي اقتصادية تعود علي الحكومة او علي صناعة الاسمنت بصفة عامة عن طريق إعادة هيكلة للمصنع او زيادة عدد العمالة او تقديم المنتج باسعار منافسة للمصانع الاخري وانما ما هي الا صفقة لصالح المستثمر فحسب. وقال عصام مصطفي محلل مالي ان العروض التي قدمت لشراء اسمنت قنا ارتبطت بظروف متغيرة كثيرة تمثلت في عمليات الطرح وتعدد العروض علاوة علي وجود نوع من انواع المضاربة التي ليس لها اي عائد استثماري علي الصفقة. ووصف مصطفي الوضع في هذه الصفقة بانه شائك واقرب الي المضاربة وبعيد كل البعد عن الاستثمار. الخصخصة واشار مصطفي ان الخصخصة في مجال الصناعة بوجه عام تحتاج الي اعادة النظر بشكل شامل وعام وفقط للتجربة المصرية والرائدة في الشرق الاوسط . واكد انه قبل تنفيذ اي صفقة جديدة لخصخصة اي صناعة لابد اولا من المحاسبة علي عمليات الخصخصة السابقة مثلما حدث في الحديد من قبل وما تعرضت له هذه الصناعة من احتكار ومضاربة خاصة وان الحديد والاسمنت من اهم الصناعات المتحكمة في البورصة بصفة خاصة والاقتصاد المصري بوجه عام. وتساءل مصطفي هل الخصخصة تعمل علي توفير السلع باسعار مناسبة وهل اتاحت الفرصة لتشغيل عمالة وفتح مجالات استثمارية جديدة ام لا. واكد ان هناك معايير كثيرة لابد من وضعها قبل الاتجاه لتنفيذ اي صفقة جديدة مثل صفقة بيع اسمنت قنا والتي تتمثل في الاستفادة العائدة علي الاقتصاد بصفة عامة من اجراء عمليات الخصخصة وتنفيذ هذه الصفقات. واشار الي انه في حالة عدم وجود اي اثار ايجابية للخصخصة ولهذه الصفقات فمن الاحري عدم تنيفيذ اي صفقة اخري دون تحقيق وجود اي جدوي لها وهو ما تم حدوثه وتم رفض العروض المقدمة لشراء اسمنت قنا. ويري مصطفي ان عدم اتمام اي صفقة لبيع حصة في المال العام ما هي الا خطوات جادة وواضحة للحفاظ علي البقية الباقية من ممتلكات الدولة وهو الامر الذي يؤدي في النهاية الي الصالح العام دون النظر الي المصالح الشخصية فقط. ومن جانبه يري حنفي عوض المدير العام بشركة تداول للسمسرة في الاوراق المالية ان عدم اتمام صفقة بيع اسمنت قنا هو بمثابة قرار سياسي فضلا عن كونه قرارا اقتصاديا وهو ما يعتبر عملية اعادة النظر في حصة امتلاك الاجانب في المال العام وهو امر متعلق بالأمن القومي اكثر مما يتعلق بالجانب الاقتصادي.