هل يكفي أن يقف الرئيس العراقي الراحل صدام حسين أمام حبل المشنقة ويتلو الشهادتين ليصبح بذلك شهيدا!؟ ان تصريحا بهذا المعني صدر عن الشيخ يوسف القرضاوي رئيس اتحاد علماء المسلمين أثار ضده عاصفة من الاحتجاجات في العراق والكويت وإيران ونال الشيخ بسببه العديد من الاتهامات التي وصلت إلي حد المطالبة بعزله من منصبه باعتباره "متشنجا" وانفعاليا ويخضع لتأثير جماعات غسلت مخه..! وكان أعنف هجوم تعرض له القرضاوي من وكيل المرجعيات الشيعية في الكويت السيد محمد باقر المهري الذي قال في تصريح نشر في الصحف الكويتية أن القرضاوي يعمل علي تشتيت المسلمين ويفرق بين المذاهب ولا يجمع بينها أو يقرب ولا يليق به أن يكون رئيسا لاتحاد علماء المسلمين كما يتدخل في شئون الدول الأخري زورا وبهتانا ويفتري لتحريك تلك الدول ضد طائفة من الطوائف لمصلحة أخري، واعتاد التطاول علنا علي هذه الطائفة. والواقع أن الشيخ القرضاوي المصري الأصل القطري الجنسية والمقيم في قطر حاليا لم يفعل شيئا خلافا لما يقوم به عدد علماء المسلمين حاليا الذين يتحدثون وينادون بالتقريب بين المذاهب بينما تصريحاتهم وموقفهم تأتي في إطار تعميق الانتماء المذهبي والطائفي. كما أن هؤلء جميعا يخلطون ما بين الفتاوي والمرجعية الدينية وبين آرائهم وانتماءاتهم السياسية، ولذلك يأتي دورهم معمقا للخلافات العربية والإسلامية بدلا من القضاء عليهم..! وأخطر ما يقودنا إليه هؤلاء العلماء الآن هو اختلفاتهم المذهبية التي ستجعل من المنطقة العربية الساحة القادمة لنزاعات من هذا النوع الخطير والمدمر. وصحيفة الوطن الكويتية شنت مؤخرا هجوما شديدا ضد أحد الاساتذة البارزين من دولة عربية سنية زار الكويت وألقي عدة محاضرات اعتبر فيها جميع الشيعة في العالم العربي منعدمي الولاء لبلدانهم وأن ولاءهم فقط لقادة ايران واعتبرهم الطابور الخامس في الكويت والعراق ودول الخليج. وهو اتهام يؤكد ماذكرناه من أن هناك تحزبا واضحا من علماء المسلمين الآن تجاه المذاهب التي ينتمون إليها واتهامات من هنا ومن هناك وأقاويل عديدة جعلت الشارع العربي في حالة من التوجس والترقب والشكوك المتبادل خاصة في الدول التي بها اختلافات وانقسامات مذهبية وطائفية واضحة. ويبدو الأمر خطيرا في محاولات الولاياتالمتحدةالأمريكية مؤخرا تصوير إيران علي أنها مصدر الخطر علي الدول العربية المعتدلة والايحاء بأن إيران تعمل علي تحقيق وفرض الهيمنة علي منطقة الشرق الأوسط مشيرة في ذلك كما يقول رئيس مركز القدس للدراسات الاستراتيجية وسفير إسرائيل السابق في الأممالمتحدة دوري جولد إلي أن إيران أدركت مع قيام أول حكم شيعي في العراق إلي أنها أمام فرصة تاريخية للتحول إلي قوة عظمي في الشرق الأوسط كله ومباشرة نفوذ قوي علي جيرانها الشيعة! وهذا الفكر الذي عبر عنه الأكاديمي الاسرائيلي هو نفس ما تطرحه الولاياتالمتحدةالأمريكية حاليا وهو ما تحاول من خلاله الحصول علي دعم الدول العربية المعتدلة للعمل العسكري الأمريكي المحتمل ضد إيران..! وهي لعبة بالغة الخطورة علي العالم العربي إذا انجررنا وراء هذه الخلافات المذهبية المفتعلة وإذا ما انعكس ذلك علي واقعنا الداخلي وتعاملات الطوائف المذهبية والطائفية داخل الدول العربية مع بعضها البعض. فلقد كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية هي من سمحت لإيران بأن يكون لها دور مؤثر في العراق بعد احتلاله، وهي من رفضت النصائح والتحذيرات بضرورة أن يكون هناك توازن طائفي في هذا البلد وتحالفت في فترات كثيرة مع جماعات شيعية مسلحة في العراق ودعمت من وجودهم والآن وفي حملتها الجديدة علي ايران تريد اقناعنا بما سبق أن حذرنا منه ولم تستجب له..! إننا ننقاد بلا وعي وربما بنوايا طيبة لدي البعض بالوقوع في الفخ الأمريكي والتصريحات الصادرة عن عدد من علماء المسلمين تنم عن جهل واضح بحقيقة ما يراد بنا ولنا، فالذين يسبون الصحابة وأمهات المؤمنين إنما يثيرون غضب علماء السنة الذين بدورهم لا يتوقفون عن الحديث عن عمليات التبشير الشيعي في المجتمعات السنية ويشنون في المقابل حملات هجوم ضد المذهب الشيعي!! وهذا الانقسام والتباين الواضح حاليا هو ما سيدفع المنطقة إلي حرب مذهبية داخلية وهذا هو ما يخطط لنا.. وهذا ما يجب أن يدركه القرضاوي ويتفهمه باقر المهري وغيرهم من علماء المسلمين فالوقت ليس مناسبا للخلافات والبيانات الحماسية إنه وقت استيعاب الخطر الذي يحيق بنا..! [email protected]