بل أن يحمل عام 2006 عصاه ويرحل عن عالمنا، ترك لنا بصمة لن لن تزول أو تنمحي بسهولة عن دنيا الاقتصاد، وبالتحديد اقتصاديات الإنترنت التي باتت بمثابة مغارة علي بابا المملوءة بالذهب والياقوت والمرجان. فعندما أعلن امبراطور الإعلام الاسترالي الأصل روبرت ميردوخ في أغسطس من عام عام 2005 دفع مبلغ 585 مليون دولار لشراء شبكة المواقع الاجتماعية علي الانترنت "ماي سبيس دوت كوم" تصور الكثيرون من خبراء اقتصاديات الشبكة الدولية أن الرجل قد فقد رشده وأنه يبدد أمواله. بيد أنه مع دخول هذا العام أيامه الأخيرة تبين أن ميردوخ كان ثاقب الرؤية وشجاعا وله أن يجني ثمار شجاعته الاستثمارية بعدما تضاعفت القيمة السوقية لمواقع الانترنت التي اشتراها منذ عام تقريبا. ويتوقع جوردان روهان المحلل المالي في مؤسسة "ار بي سي كابيتال" للاستشارات المالية أن تصل القيمة السوقية لمواقع الانترنت التي اشتراها ميردوخ إلي ما يربو علي 15 مليار دولار خلال سنوات قليلة بعد نجاحها في اجتذاب 100 مليون من مستخدمي الانترنت في مختلف أنحاء العالم وتحولها إلي قناة توزيع رئيسية للمحتوي عبر الشبكة الدولية. ويبدو أن ميردوخ لم يكن الوحيد الذي تنبه سريعا إلي هذا الكنز الجديد المسمي مواقع الإنترنت حيث قررت إدارة شركة جوجل التي تدير أشهر محرك للبحث علي الإنترنت في وقت سابق من العام الماضي دفع 6.1 مليار دولار لشراء موقع متخصص في تبادل ملفات الفيديو عبر الإنترنت وهو موقع "يو تيوب دوت كوم". ورغم أن الكثيرين ربما يترددون في استثمار أموالهم في أسهم ماي سبيس وغيره من مواقع الإنترنت بناء علي تقديرات روهان فإن ثمة حقيقة تؤكد أن هذه المواقع تمتلك بالفعل قدرات نمو هائلة. وتعيد هذه الحقائق إلي الأذهان الطفرة الكبيرة التي حققتها أسهم شركات التكنولوجيا خلال عقد التسعينيات وهي الطفرة التي قادتها في ذلك الوقت شركات إنتاج أجهزة الكمبيوتر مثل إنتل وديل وشركات البرمجيات مثل مايكروسوفت وأبل وأوراكل. وقد انتهت طفرة أسهم التكنولوجيا في التسعينيات مع دخول الألفية الجديدة في ظل فشل بعض الخيارات بخاصة في أسهم الجيل الأول من شركات الإنترنت في ذلك مما أدي إلي انهيار أسهم هذا القطاع بصورة أثارت الكثير من القلق. ورغم ذلك تمسك رواد الإنترنت الأوائل بالأمل وواصلت شركات مثل ياهوو وجوجل وإي باي وأمازون دوت كوم مسيرتها ونجحت خلال سنوات قليلة في تجاوز الأزمة لتدخل هذه الصناعة مرحلة جديدة من الانتعاش السريع. والحقيقة أن التطور التكنولوجي السريع في هذا المجال أصبح كلمة السر في الطفرة الحالية لعالم الإنترنت. فمواقع مثل يو تيوب وبيتكوميت تتيح للمستخدمين مشاهدة كل ما يريدون من أفلام وأغان مصورة وملفات الفيديو الخاصة دون الحاجة إلي الذهاب إلي دور السينما أو حتي تشغيل جهاز التليفزيون. وإذا كانت بعض المواد التي تعرضها هذه المواقع يمكن أن تمثل مشكلة قانونية باعتبارها مشمولة بقوانين حماية الملكية الفكرية فإن الواقع يقول إن ملايين المستخدمين علي امتداد العالم أصبحوا يتعاملون مع مثل هذه المواقع باعتبارها ساحة لتبادل الملفات الخاصة وهو سر نجاحها. ثم ظهرت مواقع مثل سكاي بي وجاجاه تتيح للمستخدمين استعمال الإنترنت لإجراء مكالماتهم الهاتفية بما فيها الدولية بتكلفة المكالمة المحلية. وإذا كانت تقنيات الإنترنت تتطور كل يوم لتتضاعف الخدمات التي تقدمها فإن أبوابا واسعة للثراء تفتح أمام كل من يعمل في هذا المجال بخاصة هؤلاء الذين يستطيعون دائما اتخاذ الخطوة الأولي فينتقلون سريعا إلي قائمة المليارديرات كما حدث مع مؤسسي مواقع ياهوو وأمازون دوت كوم وأخيرا موقع يو تيوب.