اخيرا و بعد اكثر من خمسة اشهر من المفاوضات توصلت بورصتي نيويوركالامريكية و " يورو نيكست " الاوروبية الي تسوية بشأن اندماجهما بعد تراجع السياسيين الفرنسيين و مساهمي " يورونيكست " و صناديق التحوط عن معارضتهم للصفقة التي من شأنها تشكيل اول سوق مالية عبر الاطلسي . و عند اجراء استفتاءات حول الصفقة التي تقدر ب 14 مليار دولار الاسبوع الماضي لم تتجاوز نسبة المعارضة 2 % بين مساهمي " يورونيكست " مقابل نسبة اقل بلغت 0.3 % بين مساهمي سوق نيويورك للاوراق المالية . و تؤكد الموافقة الكاسحة علي الصفقة ان موقف الانعزالية لن يعد له سند بعد الان في عالم تتجه اسواق المال بقوة و بسرعة نحو الاندماج و الانصهار لتكوين كيانات اكثر صلابة و تماسك . و جاءت الموافقة ايضا بمثابة صفعة قوية علي وجوه من ادعوا ان ابرام الاندماج سيؤدي الي غزو امريكي لاوروبا معربين عن تفضيلهم لاندماج " يورونيكست " التي تدير بورصات باريس و بروكسل و امستردام و ليشبونة مع البورصة الالمانية " دوتشة بورصة " التي سبق و تقدمت بعرض مماثل . و ما زالت الصفقة تنتظر موافقة منظمي السوق الا ان اتمامها اصبح مؤكد بصورة كبيرة . و يقدر اجمالي الراسمال السوقي للشركات المقيدة في بورصتي " يورونيكست " و نيويورك مجتمعة بنحو 25.800 مليار دولار فيما يمثل اربعة اضعاف رأس المال السوقي لشركات بورصة لندن . و تنص مباديء الاتفاق علي استمرار البورصتين بادارتين مستقلتين بعد الاندماج . و من المنتظر ان يصب ذلك في مصلحتهما لان الشركات الاوروبية التي ستجد قواعد القيد الامريكية ستتجه نحو التسجيل في " يورونيكست " تأكيدا للتكامل بين المجموعتين . و بمجرد انتهاء تصويت المساهمين اعلن " جون ثين " رئيس بورصة نيويورك انه يفكر في الصفقة القادمة مشيرا الي ان الصين و اليابان و الهند علي راس القائمة كفرص جديدة . لكن تجدر الاشارة الي ان نجاح المفاوضات جاء بفضل التنازلات العديدة التي قدمتها سوق نيويورك لاقناع مساهمي " يورونيكست " و المنظمين و السياسيين الاوروبيين . و تتضمن تلك التنازلات موافقتها علي استمرار عمل كل مجمعة تحت ادارة سلطتها المحلية المنفصلة الي جانب اعادة تشكيل مجلس الادارة بصورة اكثر توازنا بين المجموعتين بعد ان كان التكوين المقترح في صالح السوق الامريكية . و مقابل هذه التنازلات انهارت المعارضة الحادة من قبل الهيئات السياسية و المالية علي الصفقة و التي كانت الاكثر احتجاجا بين فريق المعارضين . و قادت المعارضة الفرنسية رفض الصفقة منذ اكتوبر عندما اصدر الاقتصادي البارز هنري لاتشمان تقريرا يشير فيه الي تفضيله عرض البورصة الالمانية علي منافستها الامريكية للاندماج مع " يورونيكست " . الا انه بمجرد سحب البورصة الالمانية لعرضها في نوفمبر لم يعد امام " يورونيكست" غير فرصة واحدة علي المائدة و هو ما جاء في مصلحة سوق نيويورك . و من المنتظر ان تبدا السوق الوليدة نشاطها في بداية 2007 . و يتوقع الخبراء ان يغري ذلك البورصات الاخري بتشكيل اندماجات مماثلة من خلال انسيابية العمليات و انخفاض تكاليف التداول . و كانت يورونيكست قد تكونت للمرة الاولي عام 2000 نتيجة اندماج بورصات باريس و امستردام و بروكسل مما نتج عن ولادة ثاني بورصة اوروبية بعد بورصة لندن . تشجيع و علي صعيد الصفقات العابرة للقارات ايضا ما زالت بورصة ناسداك الامريكية تواصل سعيها لاقناع بورصة لندن بتكوين كيان مشترك علي الرغم من معارضة الاخيرة الي درجة رفض مديريها الاجتماع مع نظرائهم في ناسداك حتي الان . يشار الي ان ناسداك تعد المساهم الرئيسي في بورصة لندن حيث تمتلك 30 % من اسهمها . و قد عرضت 5.1 مليار دولار لشراء الحصة المتبقية . و بغض النظر عن رفض بورصة لندن لعرض ناسداك فمن المؤكد ان ادارتي المجموعتين ستتاملان جيدا كيفية تفاهم بورصتي نيويورك و " يورونيكست " و المعارضة الهامشية التي واجهتها الصفقة من مساهمي الجانبين . و في هذا الاطار يري توماس ناجتيجال المحلل المالي لدي مؤسسة " رابو سيكيوريتيز " لتداول الاوراق المالية في امستردام ان نجاح اندماج " يورونيكست " و سوق نيويورك سيكون له تاثيرا محدودا في اقناع لندن بالتخلي عن موقفها الرافض لعرض " ناسداك " لكنه من جهة اخري سيشجع البورصات في آسيا عن البحث عن شركاء . و عبر عن ذلك بقوله " عندما تجد سوق مالية عبر القارات ذات سيولة تداول عالية فانها تكون بمثابة مغناطيس للاندماجات الاخري " .