أخيراً بدأت الحكومة في اتخاذ خطوات علي أرض الواقع من أجل أصلاح الأحوال المشوهة للضرائب العقارية في مصر التي تعد مورداً سياديا رئيسيا ظل لسنوات طويلة ضائعا علي خزانة الدولة برغم انها كفيلة بتوفير ايرادات تصل إلي أكثر من ثلث عجز موازنة الدولة، وكما يؤكد اسماعيل عبد الرسول وكيل أول وزارة المالية ورئيس مصلحة الضرائب العقارية: فإن مشروع القانون الجديد للضرائب العقارية الذي أقره مجلس الوزراء وسيتم عرضه علي مجلس الشعب في الدورة الحالية سيعالج مشاكل العدالة الغائبة.. وفوضي الإعفاءات الحالية التي أصبحت الأصل في حين كان سداد الضريبة هو الاستثناء. وفي هذا الحوار نناقش مشاكل الضرائب العقارية.. وكيف سيعالجها المشروع الجديد. * تختص المصلحة بربط وتحصيل الضريبية علي العقارات والأطيان الزراعية وأماكن التربية كيف ترصد في رأيك أبرز الاسباب التي تؤكد أهمية القانون الجديد المقررة اصداره للضرائب العقارية؟ ** أهم المشاكل التي تواجه المصلحة طوال تاريخها هي كثرة الاعفاءات المقررة في الضرائب العقارية سواء المنصوص عليها في قوانين الضرائب أو المنصوص عليها في قوانين الايجارات أو المقررة بقوانين خاصة، وبالتالي فإن الضريبة علي العقارات المبنية تعاني من فوضي الاعفاءات وعلي سبيل المثال نصت المادة 21 من القانون 56 لسنة 1954 علي اعفاء تسعة أنواع من المباني من الضريبة العقارية وهي العقارات المملوكة للدولة والمملوكة لمجالس المحافظات والمدن والقري وكذا الابنية المخصصة لاقامة الشعائر الدينية والمدارس التي تختص بتعليم الأديان وأبنية الجمعيات الخيرية والعلمية والنوادي الرياضية والمستشفيات والمستوصفات والملاجئ والمبرات، كما يدخل في نفس الاعفاء السفارات والمفوضيات والقنصليات بالاضافة إلي العقارات التي لا يزيد صافي قيمتها الايجارية السنوية علي 18 جنيها والعقارات المخصصة لمنفعة الأراضي الزراعية وكل هذه الاعفاءات مقررة لصالح الملاك. العجائب كما نجد هناك أيضا: إعفاءات اخري علي العقارات المبنية منها القانون 169 لسنة 1961 والذي نص علي تخفيض الايجارات بمقدار الاعفاءات وكذلك القانون 49 لسنة 1977 ونجد بالتالي أن العدالة غائبة بسبب هذه القوانين وأبسط مثال علي ذلك اننا نجد في العقار الواحد وحدات تخضع للضريبة في حين ان بعضها الآخر لا يخضع وذلك حسب سنة البناء وما ينطبق علي العقار الواحد ينطبق أيضا علي الشارع الواحد بمعني ان مسكنا ما يخضع للضريبة في حين لا يخضع العقار الأخر المجاور له لذات الضريبة والحجة التي تساق لتبرير ذلك ان الأول يقع داخل كردون المدينة والثاني خارجه وهكذا بالاضافة إلي أنه تم منح قدر كبر من الاعفاءات علي مدي سنوات طويلة مما أصبح معه الاستثناء هو فرض الضريبة والأصل هو الاعفاء. ومن أخطر القوانين الخاصة القانون 136 لسنة 1981 والذي أعطي جميع المساكن التي تم انشاؤها بعد عام 1980 من الضريبة العقارية فيما عدا الاسكان الفاخر والتجاري والاداري ولم يقتصر الأمر علي ذلك تشجيعا لاقامة المجتمعات العمرانية الجديدة والاقامة فيها نص القانون 59 لسنة 1979 بشأن المجتمعات العمرانية الجديدة بأن تعفي العقارات بها مما يكون مستحقا عليها من الضريبة العقارية. الأطيان الزراعية * وماذا بشأن الضريبة علي الأطيان الزراعية التي صدرت عام 39 بالقانون 113 وهل ينطبق نفس الشيء عليها؟ ** هذه الضريبة يتم تحصيلها بعد تقدير الايجار السنوي للفدان والذي يتم كل 10 سنوات من خلال لجان التقويم حيث تفرض تلك الضريبة علي الأراضي التي تزيد علي ثلاثة أفدنة وقد تمت مراجعة القيمة الايجارية علي مستوي الجمهورية 6 مرات الأولي عام 1938 وتم تطبيق الضريبة اعتبارا من أول يناير 1939 والثانية من 1946 وحتي 1948 والثالثة 56 إلي 1958 ولكن أرجئ تنفيذها حتي عام 1962 والرابعة عام 1976 إلي 1978 والخامسة 1986 وحتي 1988 ونفذت عام 1989 والأخيرة كانت عام 2002 بالقانون رقم 4 والذي قضي باستمرار العمل بالتقدير العام الأخير المتخذ أساسا لحساب ضريبة الأطيان حتي آخر ديسمبر 2008 وفقا لذلك فإن آخر تقدير لإيجار الفدان هو 200 جنيه وبالتالي فإن لضريبة الأطيان للفدان هي 28 جنيها في العام وهي مطبقة من عام 1989 وحتي آلآن علي الرغم من زيادة القيمة الاعتبارية بعد تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر عام 96/1997 ووصول متوسط ايجار الفدان إلي أكثر من 200 جنيه يأتي ذلك في الوقت الذي تعد فيه ضريبة الاطيان ضريبة حكمية حيث لا تفرض علي الدخل الحقيقي ولكن تفرض علي دخل ثابت لا يتغير لمدد طويلة علي ان يتحمل مالك الأرض عبء الضريبة سواء قام بزراعتهما بنفسه أو أجرها للغير. أما ناتج الزراعة فهو معفي ايضا من الخضوع لضريبة الدخل الا اذا اتخذت الاستغلال الزراعي شكل الشركة المساهمة او شركة الاموال واتخذ شكل زراعة محاصيل غير تقليدية مثل الحدائق والنباتات الطبية. مشروع متكامل * وهل يعالج مشروع القانون المقترح تلك المشكلات؟ ** لقد ادرك الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية والتأمينات منذ توليه مشاكل هذه الضرائب الثلاثة وتعقيدها ووضع اطار لتطوير الضرائب العقارية تبدأ بالتعديلات التشريعية من خلال قانون موحد أو تشريع واحد يضم الانواع الثلاثة من الضرائب يتضمن تعديلات حقيقية لتنشيط الاجراءات وتوحيد فئة الضريبة وتخفيضها وتحديد نطاق سريانها لتحقيق العدالة الغائبة عن القوانين الحالية. * وما أهم ملامح هذا التشريع وهل تم الانتهاء من إعداده؟ ** انتهينا بالفعل من اعداده وتم عرضه علي مجلس الوزراء ووافق عليه علي ان يقدم إلي مجلسي الشعب والشوري خلال الدورة الحالية كما جاء في خطاب الرئيس مبارك في بداية الدورة البرلمانية. أما أهم ملامح التعديل فبالنسبة للضريبة علي الأطيان الزراعية سيتم تخفيضها إلي 10% بدلا من 14% من القيمة الايجارية للفدان وبالنسبة للضريبة علي العقارات المبنية فسوف يتم اخضاع كل العقارات الكائنة في الدولة للضريبة وذلك تحقيقا للمساواة في الواجبات والحقوق ومن ثم يكون قد تم اخضاع العشوائيات للضريبة لأول مرة وكذلك المجتمعات العمرانية الجديدة في حين سيكون سعر الضريبة 10% فقط من القيمة الايجارية السنوية للأماكن المستعملة في اغراض السكن و8% بالنسبة للأماكن المستعملة في غير أغراض السكن وذلك بعد استبعاد 20% من القيمة الايجارية مقابل المصروفات وذلك بخلاف القانون 56 لسنة 1954 فالشرائح تصاعدية تبدأ من 10% إلي 40% من القيمة الايجارية و10% ثابتة للأماكن غير السكنية كما سيتم ترشيد الاعفاءات الضريبية وسوف يتم ربط الاعفاء بالعلة الداعية له مع الأخذ في الاعتبار العلة في الاعفاءات المقررة لمالكي العقارات الخاضعة لتشريعات ايجارات الأماكن التي تنطوي علي احكام استثنائية حيث يتم الغاء جميع الاعفاءات من الضريبة أينما وردت في أي قانون.