صدر في الاسبوع الماضي تقرير عن البنتاجون "وزارة الدفاع الامريكية" يحذر من حرب اهلية وشيكة في العراق.. ويقول ان رصد الوقائع التي حدثت يشير بقوة الي تردي الاوضاع الامنية وزيادة ملحوظة لاعمال العنف في مختلف مناطق العراق. وقال التقرير ان معدل الهجمات خلال الشهور الثلاثة الاخيرة ارتفع بنسبة تصل الي 15% بينما ارتفع معدل الضحايا الذين يسقطون في تلك الهجمات بنحو 51%. ورغم ارتفاع وتيرة العنف فان التقرير نفي بشدة ان يكون ما يجري من احداث الان هو من قبيل الحرب الاهلية رغم الخسائر الفادحة علي الارواح.. ولكن التقرير اكد من جانب اخر ان الانزلاق الي حرب اهلية بات ممكنا. ويثير هذا التقرير عدة تساؤلات حول طبيعة الوجود العسكري الامريكي في العراق وحول حقيقة الصراع بين الفرق المتنازعة علي السلطة في العراق.. وعن صورة الحرب الاهلية اذا وقعت لا قدر الله في ضوء ما يجري الان من احداث لا يدخل في اطار الحرب الاهلية. وبتعبير اخر.. ماذا تفعل القوات الامريكية في العراق، وما مهمتها كقوات احتلال.. ولماذا لا تتصدي لاعمال العنف وتحول دون وقوع المزيد مما يؤدي الي اندلاع حرب اهلية.. وماذا تنتظر القوات الامريكية لتقوم بدور.. واذا كانت عاجزة فلماذا لا ترحل وتترك اهل العراق ليواجهوا مصيرهم المحتوم؟ وهذا التقرير الصادر عن البنتاجون وهو المؤسسة الامريكية المهيمنة الان علي شئون العراق، من المقرر عرضه علي الكونجرس لمناقشته وربما يؤدي الي اتخاذ قرارات خطيرة تؤثر علي مستقبل الصراع في المنطقة.. وربما سيؤدي الي تعميق الاتجاه الي تقليص الدور الامريكي وسحب قوات امريكية علي اساس ان القوات العراقية اصبحت شبه جاهزة لتسلم المسئوليات الامنية. وربما يؤدي نفس التقرير الي طلب الحكومة الامريكية زيادة الاعتمادات المخصصة للحرب علي العراق وزيادة اعداد القوات الامريكية في العراق لمواجهة ما تسميه الحرب علي الارهاب في ميدان العراق. وأعتقد ان صدور مثل هذا التقرير ربما ينبه القوي العراقية المتناحرة الي ان القرارات الامريكية تصدر وفق مصلحة امريكية وليست عراقية، واذا كانت المصلحة الامريكية تقتضي ترك المتناحرين في العراق يقومون بتصفية بعضهم البعض فهل هذه حقيقة هي مصلحة العراق؟ واذا كانت المصلحة الامريكية تقتضي ترك السنة المتشددين يكسرون شوكة الشيعة الطامعين في حكم العراق لحساب ايران، وترك الميليشيات الشيعية تقتل السنة بغرض كسر شوكتهم وارغامهم علي قبول افكار مثل الفيدرالية او الاقاليم المستقلة او افكار اخري مثل القبول المرحلي بالوجود الامريكي في العراق بصورة ما.. فأين تقع المصلحة العراقية؟ ان العراق يدفع ثمن التناحر، والقتلي الذين يسقطون بالمئات كل يوم.. أبدا لا يعودون.