عزيزي القارئ عنوان المقال صحيح ولا يوجد به خطأ مطبعي كما يبدو لك!!.. وقريبا سوف تتغير صفة القاهرة التي نعرفها منذ زمن طويل من قاهرة المعز إلي قاهرة المذل..! ولا حول ولا قوة إلا بالله!!.. السبب ان سكان القاهرة يعيشون تحت الاذلال وهذا الاذلال هو شكل من أشكال "الاحتلال"، أصبحنا محاصرين بكل أنواع المشكلات ولم تنجح أي حكومة من الحكومات المتعاقبة أن تحل أي مشكلة من مشاكلها..! وأنا لا أعلم حتي يومنا هذا أن هناك أي محاولة.. مجرد محاولة في نقل العاصمة من مكانها الحالي والبحث عن مكان آخر وبناء عاصمة جديدة لمصر..! لقد قمت في الستينات بنشر حوار مع عدد من كبار المثقفين والمسئولين في مصر، تم نشره في مجلة الأهرام الاقتصادي وأجمع كل من شارك في الحوار علي أن حل مشكلة القاهرة هو نقل العاصمة إلي مكان بعيد عنها وبناء عاصمة جديدة.. وقد قيل أيضا أن هذه الخطوة ستساعد وتساهم إذا ما تم الاعلان عنها في تخفيض أسعار الأراضي بالقاهرة لأنه سيكون لمصر عاصمة جديدة علي شاكلة عاصمة البرازيل وهي "برازيليا وعاصمة الهند "نيودلهي" وعاصمة نيجيريا "أبوجا" وهكذا. تذكرت هذا الحوار القديم الذي مر عليه أكثر من أربعين عاما بعد أن نشرت احدي الصحف القومية خبرا صغيرا وفي مكان غير بارز وفي احدي صفحاتها الداخلية يقول الخبر: إن هناك اقتراحاً بنقل العاصمة إلي مكان آخر مثل السادات أو أي مدينة أخري غير القاهرة وأن انقاذ الموقف الحالي لن يكون عمليا إلا بتنفيذ هذا الاقتراح! طيب بعد ايه؟! لقد تم صرف المليارات علي بناء الكباري العلوية والأنفاق والطرق والصرف الصحي.. وماذا كانت النتيجة؟! لا شيء! والكلام عن العشوائيات التي تحيط بالقاهرة من كل الجهات فحدث ولا حرج..! أما الانفلات الأمني وفوضي المرور والاعداء المتربصين بنا وأقصد بهم سائقي الميكروباص كل هؤلاء بالاضافة إلي السكان الذين بلغ عددهم حوالي 17 مليونا من البشر وكل ذلك يعني أن الكثافة السكانية مع العدد المهول للسيارات الخاصة والعامة هي سبب التلوث البيئي والسمعي والصحي الذي يعاني منه سكان القاهرة وقال أحد الظرفاء إن الافراج عن سجين باب الحديد "رمسيس الثاني" كان افراجا صحيا بعد أن أوصي بذلك القومسيون الطبي لمصلحة السجون ولم يكن قرارا لوزير الثقافة ولا للدكتور زاهي حواس..!! يقول تقرير رسمي يجلب لنا الحزن الشديد صادر عن الجهاز المركزي للمحاسبات إن البنية الاساسية في القاهرة انهارت تماما وأن 50% من مياه الشرب غير مطابقة للمواصفات وسكان القاهرة والجيزة والقليوبية وهي ما تسمي بالقاهرة الكبري يشربون مياها ملوثة بالحديد والبكتريا وهناك 158 حالة كسر مواسير في المناطق الشعبية وبلغت مثلا في أحد الشهور 419 حالة وأن 459 متراً مكعباً من مياه الصرف الصحي يشربها سكان المناطق العشوائية في القاهرة الكبري يوميا.. أما هيئة المعونة الأمريكية فقد أعلنت أن 80% من مياه الشرب في مصر تضيع بسبب سوء الصيانة وانفجار المواسير العمومية. وجاء تقرير أذاعته وزارة الصحة المصرية ليضيف مأساة إلي مآسينا الكثيرة فقد أعلنت أخيرا أن عدد المرضي بالأمراض النفسية بلغ الملايين لا مكان لهم في مستشفي الأمراض العقلية في القاهرة وصاروا يتجولوا أحرارا في شوارع القاهرة وأصبحوا يمثلون خطرا كبيرا علي الناس وأنا أتوقع أن يتحول معظم سكان القاهرة إلي مرضي نفسيين.. والعياذ بالله..! والفوضي المرورية في القاهرة تكاد تكون العنوان الرئيسي للموضوعات الصحفية التي يكتبها المراسلون الأجانب عن العاصمة وقد كتب أحد المراسلين تقريرا بثته احدي القنوات التليفزيونية يتحدث فيه عما رآه في واحد من الشوارع الرئيسية في القاهرة وقال إن بها عربات تجرها الحمير وتحمل الخضراوات والفاكهة لبيعها لسكان ذلك الشارع وإلي جانب هذه العربات تجد عربات أخري تنقل الزبالة وتجرها الحمير أيضا، كل ذلك تراه يسير جنبا إلي جنب مع أحدث أنواع السيارات غالية الثمن!! وكان تعليقه الظريف علي منظر الرجل الذي يقود دراجته حاملا علي رأسه كمية لا تقل عن 500 رغيف عيش ممسكا بذراع واحدة الدراجة والذراع الآخر ممسك بسبت العيش خوفا من سقوطه علي الأرض ويسير متلويا بين السيارات وظن المراسل في البداية أن الرجل يعمل في سيرك شعبي يتفرج عليه الناس مجانا!. الأمر يبدو لي بأن من يرضي بهذا الهوان ناس تتلذذ بأن تعيش في الهوان! وقد تكون الحكومة تعاني أيضا من هذا الهوان لأنها جزء منا ولكننا نعتقد أنها لم تتصرف بجدية في عدم تفكيرها في مجرد اقترح نقل العاصمة إلي مكان آخر وكأن العاصمة إذا نقلت من مكانه فستكون في أرضي دولة أخري غير جمهورية مصر العربية. إنني أنادي بوقف نزيف الانفاق علي القاهرة.. لأن الأمور لن تتحسن حتي لو تم انفاق آلاف المليارات عليها والقاهرة ستعيش بنفس البلاوي ولا أمل فيها أو جعلها عاصمة تليق بدولة يبلغ عدد سكانها حوالي 75 مليون نسمة. ارحمونا.. وفكروا.. وإذا عجزتم، فلا بأس من الاستعانة بالخبرة الأجنبية.. وهو ليس عيبا وانكم تفعلون ذلك الآن في أندية الكرة وفي المصانع المصرية وفي تحديث الصناعة المصرية وفي إدارة المطارات.. "يعني جت علي موضوع القاهرة ويبقي حرام..؟! وانني أؤكد لكم لو أن الحكومة أي حكومة اتخذت القرار الجريء بنقل العاصمة فستكون أعظم حكومة حكمت البلاد.. وانسوا حكاية قاهرة المعز،فقد صارت قاهرة المذل ولو كان المعز لدين الله الفاطمي يعرف ما سوف يحدث للقاهرة التي بناها لتبرأ منها ومن اسمها الذي تغير بالفعل ولم يعد فيها أكثر من عشر شوارع علي الأكثر نظيفة ويقال إنها العاصمة..!