في الوقت الذي تسارعت فيه المفاوضات الدولية الرامية إلي وقف إطلاق النار بلبنان، قال محللون اقتصاديون إن الاقتصاد اللبناني قادر علي استيعاب الصدمة في أقل وقت ممكن وعلاج حالة الخراب والدمار التي طالت كل شيء بالدولة العربية. وفي الوقت الذي يشكك فيه البعض في قدرة الاقتصاد اللبناني علي علاج الخسائر التي ألمت به جراء الحرب والتي قدرها البعض بنحو 6 مليارات دولار، قال آخرون إن المشاكل التي يعاني منها اقتصاد لبنان من عجز مزمن في الموازنة العامة ودين خارجي مرتفع وضغوط علي سعر الليرة لن تحول دون قدرة لبنان علي جذب استثمارات خارجية والإسراع في خطة إعمار ما دمرته الحرب. وكان الاقتصاد اللبناني قد نجح خلال الأسابيع الثلاثة الماضية في التصدي للمخاطر الناجمة عن الحرب وعلي رأسها ارتفاع معدلات التضخم وحدوث ضغوط شديدة علي العملة وزيادة عبء الدين الخارجي وارتفاع اسعار الفائدة. كما نجح البنك المركزي اللبناني "مصرف لبنان" برئاسة رياض سلامة في تلبية احتياجات سوق الصرف والمستثمرين من النقد الأجنبي وضمان عدم ارتفاع الدولار أمام الليرة والحد من ظاهرة تحول المودعين إلي حيازة العملة اللبنانية أو ما يعرف باسم "ظاهرة الدولرة"، وساعد المركزي اللبناني في ذلك الدعم السريع الذي تلقاه من كل من السعودية والكويت حيث منحته الأولي وديعة قيمتها مليار دولار، في حين تلقي وديعة من الثانية قيمتها 500 مليون دولار. ومن جانبه قال د. فؤاد شاكر الأمين العام لاتحاد المصارف العربية إنه في حالة حدوث استقرار سياسي في لبنان فإن أموالاً عربية وأجنبية ستدفق عليه، خاصة من المستثمرين السعوديين والخليجيين، كما ستشهد لبنان نوعا جديدا من السياحة سيطلق عليه اسم سياحة "حب الاستطلاع" أو سياحة الذكريات التي سيحرص روادها علي مشاهدة ما دمرته الحرب الحالية في جنوب لبنان أو الضاحية الجنوبيةلبيروت. قال شاكر إن الاستثمارات السعودية تعد الأولي بين الاستثمارات المتواجدة في السوق اللبناني، بل إن مستثمرين سعوديين يستحوذون علي مشروعات عقارية وسياحية ضخمة في لبنان، وأنه عقب انتهاء الحرب فإن أموالاً سعودية وخليجية ستقتحم لبنان للمشاركة في إعادة الإعمار وذلك كما حدث أبان تولي رفيق الحريري رئاسة الوزراء في فترة التسعينيات. وعلي مستوي دور البنوك العربية في إعادة الإعمار أكد الأمين العام لاتحاد المصارف العربية ان المؤسسات العربية لديها سيولة مالية ضخمة تبحث عن فرص استثمار واعدة ومربحة، وبالطبع فإن لبنان ستحتل المرتبة الأولي في جذب الاستثمارات خاصة الموجهة لاستكمال مشروعات قائمة أو إعادة هيكلة مشروعات متعثرة أو إعادة بناء البنية التحتية التي دمرتها الحرب وتوقع شاكر تدفق معظم الاستثمارات لجنوببيروت عقب استقرار الأوضاع السياسية والأمنية بها، مشيرا إلي ان الجنوب يعد أجمل المناطق اللبنانية، وبالتالي يمكن إقامة فنادق ومنتجعات سياحية بها، كما يمكن إقامة مشروعات صناعية وحرفية. وبالنسبة لدور المؤسسات الدولية في الإعمار يقول الأمين العام لاتحاد المصارف العربية إن لبنان بات يحظي بتعاطف دولي كبير، خاصة عقب وقوع حادث قانا الذي راح ضحيته نحو 55 شهيداً لبنانياً معظمهم من الأطفال، وقال إن استثمارات أجنبية ضخمة قد تتدفق علي لبنان، خاصة الفرنسية والإيطالية، مشيرا إلي وجود علاقة قوية تربط البلد العربي بالبلدين الأوروبيين.