وعد وصدق في وعده.. "الوعد الصادق" العملية العسكرية التي قام بها حزب الله في الثاني عشر من الشهر الحالي قتل خلالها ثمانية جنود إسرائيليين وأسر جنديين اثنين ليساوم بهما في تبادل لإطلاق سراح أسري عرب في السجون الإسرائيلية. كانت العملية بمثابة دعم وتأييد للفلسطينيين الذين يرزحون تحت مجزرة إسرائيلية منذ أن بدأت بدأت حكومة أولمرت حملة عسكرية ضارية أطلقت عليها "أمطار الصيف" في الثامن والعشرين من الشهر الماضي. * أين المجتمع الدولي؟! خاضت إسرائيل معركة علي جبهتين في وقت واحد الشمالية مع لبنان والجنوبية مع الفلسطينيين وتراجع المجتمع الدولي. نأي بنفسه عن التدخل ربما التماسا للرضا الأمريكي، فأمريكا هي التي تدعم إسرائيل دعما غير مسبوق وأمريكا هي التي أعطت لإسرائيل الضوء الأخضر لتنفيذ عملية عسكرية يمكن بواسطتها تنفيذ قرار مجلس الأمن 1559 الصادر في سبتمبر سنة 2004 بصورة كاملة بحيث يتم بمقتضاه نزع سلاح حزب الله ونشر القوات اللبنانية علي طول الحدود مع إسرائيل بعد الاجهاز علي حزب الله. دور أوروبي مهزوز ساهم الاتحاد الأوروبي هو الآخر بدوره المهزوز وصمته وعدم تحركه إلا في الاطار الأمريكي، ساهم في تشجيع إسرائيل علي المضي قدما في حملتها العسكرية، فهي لن تساءل ولن تراجع ولن يقام عليها الحد لأنها مستثناة من كل القوانين الدولية، فلقد منحت حصانة من نوع فريد يكفل لها تجاوز القوانين والاطاحة بكل القرارات الدولية ويكفي الفيتو الأمريكي العاصم لها من أية إدانة قد تحاول المنظمة الدولية أن تلصقها بها. ولاشك أن الدعم الأمريكي الكبير واللامتناهي قد مكن إسرائيل من أن تكون هي القاضي والجلاد معا في المنطقة تتربص بأية دولة تقتل وتدمر البنية التحتية.. تنسف القانون.. تطيح بحقوق الإنسان.. تستخدم الأسلحة المحرمة وهذا ما فعلته في لبنان.. قصفت المدن والمناطق والمطار والمؤسسات ومحطات الكهرباء والماء.. قتلت الأطفال والنساء ويكفي ما وقع لسكان قرية مروحين السبت الماضي.. أنذرتهم إسرائيل بالاخلاء قبل القصف. حاولوا الاحتماء بمقر الطوارئ الدولية إلا أنهم طردوا وقصفتهم إسرائيل أثناء محاولتهم الهرب..!! مقاومة بطلة.. حزب الله المقاومة البطلة الوحيدة التي وقفت في الميدان تتصدي لإسرائيل كانت المقاومة في حاجة إلي دعم العالم العربي لها ولو معنويا إلا أنه خذلها بعض المواقف العربية منحت الذريعة لعربدة إسرائيل وانطلاقها نحو ضرب المقاومة وكبح جماحها عندما وصفت تحركاتها بمغامرات غير محسوبة وأنها هي المسئولة عما يحدث للبنان اليوم من عدوان إسرائيلي غاشم نسيت هذه الأنظمة أن حزب الله الوحيد في العالم العربي الذي تكللت عملياته وجهوده بالنجاح في مايو سنة 2000 عندما أجبر إسرائيل علي الانسحاب بليل من جنوب لبنان كان من المفروض أن يقف العالم العربي بجانب لبنان.. كان المأمول أن تكون المصلحة اللبنانية هي المرجع. تخاذل عربي..! في الوقت الذي تخاذل فيه العرب وأعلنوا موت عملية السلام التزم المجتمع الدولي بالصمت المريب ليطلق العنان للكيان الصهيوني ضد لبنان ولا غرابة فلقد بات المجتمع الدولي رهينة في يد نيويورك وسيبقي ما حدث ويحدث للبنان وفلسطين والعراق وصمة عار علي جبين أدعياء الديمقراطية وحقوق الإنسان! إن ما حدث في المنطقة لم يخرج عن كونه هجمة أمريكية إسرائيلية علي لبنان بتغطية عربية ولذا لم يكن أمام المقاومة إلا المواجهة رغم عدم التوازن العسكري بين حزب الله وإسرائيل لكن ارادة حزب الله جعلته يتصدي لإسرائيل كابوس العصر، فالمسألة مسألة وجود وكان لابد لحزب الله من أن يدافع عنه. ليتهم لم يجتمعوا...!! اجتمع وزراء الخارجية العرب السبت الماضي ولم يسفر الاجتماع إلا عن نفض العرب أيديهم من القضية باعلانهم موت عملية السلام وتسليم المهمة إلي الأممالمتحدة موقف مخزٍ لا معني له، فما معني اعطاء الأمور كلها لمجلس الأمن إلا أن يكون ذلك عودة إلي المربع الأول رغم أن مجلس الأمن لا يمكن التعويل عليه لأنه أداة في يد أمريكا ولن يفعل شيئا وهم يدركون ذلك ولم يكن قرارهم إلا لرد العتب وابراء الذمة أمام الله والتاريخ فهم أعلم قبل غيرهم بأن أمريكا تتحكم في مجلس الأمن فكأنهم بقرارهم هذا يعاودون وضع الأمر ثانية بين يدي إدارة بوش.. الغريب أنهم علي حين تبرأوا من خريطة الطريق وهي مقترح أمريكي وأعلنوا موتها مع جهود السلام الأخري فإنهم يعودون ثانية إلي أمريكا لاعطائها الدور الكامل لاتخاذ ما تراه مناسبا، إنه الارتباك العربي فهم يعلمون عن حق أن إسرائيل ما كان لها أن تستقوي بالصورة التي هي عليها الآن لولا دعم أمريكا غير المسبوق لها فكيف يسحبون البساط من تحت أقدامأمريكا ثم في نفس اللحظة يعيدونه ثانية إليها؟! أمريكا أول من يحاسب.. غاب عن العرب والعالم أن أول من يجب أن يحاسب في العالم علي سياساته الخاطئة الآثمة هي إدارة بوش فهي التي تتحمل المسئولية عن كل الانتهاكات والجرائم في العراق الذي اجتاحته بذرائع كاذبة وفي فلسطين ولبنان لأنها هي التي فوضت إسرائيل التمادي في حربها المريعة وهي المسئولة عن انتهاك حقوق الإنسان في السجون الطائرة وجوانتانامو وأبو غريب وبإجرام، أما الخوف الآن فيتركز علي أن تسعي أمريكا وإسرائيل إلي توسيع دائرة الحرب لتشمل سوريا وإيران تنفيذا لاجندتهما المشتركة في المنطقة.