تضافرت الضغوط السياسية والطبيعية نهاية الأسبوع الماضي لتدفع اسعار البترول العالمية للارتفاع القوي نحو 73 دولارا للبرميل وسط توقعات بان تواصل الاسعار ارتفاعها خلال تعاملات هذا الأسبوع، فعلي الصعيد السياسي صعدت إيران أزمتها مع الغرب بإعلانها أن ملفها النووي غير قابل للتفاوض وعادت المخاوف من جديد في نيجيريا بعد خطف عمال بترول استمرارا للاضطرابات التي تشهدها البلاد، في حين أدت الأحوال الجوية السيئة الي توقف نحو 5 مصافٍ امريكية عن العمل لتزداد المخاوف بشأن الإمدادات خاصة بعد ان كانت الزيادة في مخزونات البنزين عن الأسبوع قبل الماضي اقل من التوقعات في الوقت الذي ثبتت فيه أوبك إنتاجها خلال اجتماعها الأسبوع الماضي. فمع نهاية تعاملات الأسبوع أنهي الخام الأمريكي الخفيف جلسة التعاملات في بورصة نايمكس بنيويورك مرتفعا 2.36 دولار الي 72.70 دولار للبرميل وهو أعلي مستوياته للجلسة. وفي بورصة البترول الدولية بلندن صعد خام القياس الأوروبي مزيج برنت 2.01 دولار لينهي الجلسة عند 71.40 دولار للبرميل. الأزمة الإيرانية وسيطرت علي الاسواق خلال الاسبوع المنقضي اجواء من الترقب والقلق فيما يتعلق بالملف النووي الايراني ثاني اكبر منتج للبترول في اوبك، إذ صرح وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي ان بلاده لن تتخلي عما يصفه بحقها في تخصيب اليورانيوم لكنها مستعدة لإجراء محادثات مع الولاياتالمتحدة. وقال "لن نتخلي عن حق أمتنا الطبيعي (في التخصيب) ولن نجري محادثات حول هذه المسألة. لكننا مستعدون لإجراء محادثات حول بواعث القلق المتبادلة". وهو ما يشير الي قوة الموقف الايراني في مقابل تحول مهم في السياسة الأمريكية تجاه ايران اذ أعلنت الاخيرة انها ستنضم لحكومات أوروبية في إجراء محادثات مباشرة مع طهران إذا أوقفت أنشطة التخصيب التي تعتقد القوي الغربية انها تهدف إلي تطوير قنبلة نووية. مخاوف أمنية ومما دفع الاسعار نحو الارتفاع تزايد المخاوف بشأن الإمدادات النيجيرية اكبر بلد منتج للبترول في نيجيريا، اذ خطف مسلحون ثمانية عمال أجانب في غارة ليلية علي منصة بترول بحرية قبالة ساحل نيجيريا مما آثار مخاوف أمنية جديدة بعد سلسلة من هجمات المتشددين التي ادت الي خفض الإنتاج في اكبر منتج للبترول بأفريقيا. وعمليات الخطف أسلوب شائع يتبعه متذمرون من المناطق الواقعة في دلتا النيجر المنتجة للبترول يريدون من الشركات ان تعطيهم نقودا او توفر لهم فرص عمل او تمول مشروعات التنمية في مناطقهم. تعطل المصافي وساعد علي صعود الاسعار ايضا الاعلان عن توقف العمل في خمس مصاف بترولية في ولايتي تكساس وديلاوير الأمريكيتين منذ الخميس الماضي فيما يرجع في الغالب الي أحوال جوية سيئة مما زاد المخاوف بشان امدادات البنزين قبل وصول الطلب علي وقود السيارات في امريكا الي ذروته في الصيف. ووجدت الاسعار دعما ايضا من زيادة أصغر من المتوقع في مخزونات البنزين في الولاياتالمتحدة أظهرتها بيانات للحكومة الامريكية واشارت الي أن مخزونات البنزين الامريكية سجلت زيادة بلغت 800 ألف برميل الاسبوع الماضي فيما كان محللون قد توقعوا زيادة قدرها 1.1 مليون برميل. تجاهل اوبك وتجاهلت الاسواق اتفاق منظمة اوبك في اجتماعها الاسبوع الماضي في كراكاس علي ابقاء سقف انتاجها بلا تغيير لان القرار كان متوقعا علي نطاق واسع، اذ اتفقت منظمة اوبك علي ترك انتاج البترول قرب طاقته القصوي رافضة تقليصا مقترحا من البلد المضيف فنزويلا أبرز صقور الاسعار في المنظمة. وتخشي منظمة البلدان المصدرة للبترول (اوبك) من أن يؤدي سعر 70 دولارا لبرميل الخام بنتائج عكسية عليها عن طريق إبطاء نمو الاقتصاد العالمي. وحتي الآن أثبت الاقتصاد مرونة في مواجهة ارتفاع أسعار البترول التي زادت 40 دولارا للبرميل في ثلاث سنوات منذ دخلت القوات الامريكية بغداد. وفي ظل إنتاجها بأقصي طاقة فقد باتت سطوة اوبك علي أسواق البترول العالمية محدودة. وتعززت أسعار الخام بفعل عوامل مثل عجز الطاقة الإنتاجية لمصافي التكرير والمواجهة بين ايران والغرب حول برنامجها النووي وتعطيلات الإمدادات في العراق ونيجيريا وتدافع المستثمرين علي أسواق السلع الأولية. ويقود الرئيس الفنزويلي شافيز حملة لمنتجي الطاقة في أمريكا اللاتينية للمطالبة بحصة أكبر من الارباح البترولية المزدهرة من الشركات الاجنبية.