انتقلت مصر من المركز الحادي والثمانين إلي المركز الخمسين في القائمة الثالثة من المؤشر العالمي للتنافسية وهو مؤشر الاقتصاد الكلي ويرجع ذلك إلي نجاح الادارة الاقتصادية الحكومية في تخفيض التضخم والضرائب والرسوم الجمركية وكان من الممكن أن يكون الترتيب أفضل لولا المركز المتدني الناجم عن ارتفاع نسبة الدين الحكومي إلي الناتج المحلي الإجمالي.. هذا ما أكده تقرير القدرة التنافسية المصرية والذي يصدره المنتدي الاقتصادي سنويا ويقدم تقييما شاملا للقدرة التنافسية للاقتصاد المصري حيث يرصد التغير الذي يطرأ سنويا علي مركز مصر التنافسي وترتيبها بين الدول وفقا للمؤشرات العالمية. المراحل الأولي ويري التقرير أنه فيما يتعلق بالمؤشرات الأخري بخلاف مؤشر الاقتصاد الكلي فإن مصر تعتبر مثالا تقليديا لدولة في المراحل الأولي للتنمية حيث تسوء نتائجها كلما اقترب المرء من القوائم الأكثر تقدما مثل الاستعداد التكنولوجي وتطور مستوي الأعمال ودرجة التحديث وأيضا مازالت مؤشراتها ضعيفة فيما يتعلق بمؤشرات الموارد البشرية الاساسية حيث لا تزال نسبة الأمية بين الكبار مرتفعة كما أن القطاع الإنتاجي يؤكد أن النظام التعليمي لا يلبي احتياجات الاقتصاد. ويؤكد التقرير أن أداء مصر لم يكن علي نفس المستوي وفقا لمؤشر "مايكل بورترن" للقدرة التنافسية لقطاع الأعمال والذي يركز علي "الأسس الدقيقة للقدرة التنافسية" والتي تشمل مدي تطور استراتيجية الشركات ونوعية مناخ الأعمال السائد حيث أشارت النتائج إلي ضرورة القيام بالكثير من العمل علي مستوي الاقتصاد الجزئي لتحسين مناخ الأعمال للوصول إلي النمو المستدام. استراتيجية صناعية وأضاف التقرير أن الصادرات الصناعية شهدت نموا في الثمانينيات والتسعينيات ورغم ذلك أخفقت في قيادة الاقتصاد فيما يتعلق بالقيمة المضافة في قطاع التصنيع والصادرات فمتوسط نصيب الفرد من الصادرات المصنعة لا يزال منخفضاً للغاية كما أنها تعتمد بدرجة كبيرة علي الموارد المتوافرة ومحتواها التكنولوجي منخفض نسبيا ومشيرا إلي أن أداء مصر في مجال الصادرات متوسطة أو عالية التقنية لا يزال دون المستوي في الوقت الذي تمثل فيه هذه الصادرات أكثر من 55% من التجارة العالمية وبين التقرير أن مصر نجحت في تنويع أسواقها من الناحية الجغرافية حيث قللت من اعتمادها علي الاتحاد الأوروبي وزادت من تواجدها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع الاستمرار في التصدير إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية ويوضح التحليل الوارد في التقرير تعرض مصر لمخاطر مزاحمة صادراتها من جانب منتجات تركيا والصين مشيرا إلي أنه إذا أرادت مصر ألا تخسر في هذا المجال فعليها أن تسرع في الأخذ باستراتيجية صناعية ملائمة مع مراعاة أن يتم تطبيقها من خلال مجموعة شاملة من السياسات لتجنب الاخطاء التي وقعت فيها السياسات الصناعية الفاشلة التي جربتها دول أخري من قبل وهو ما يتطلب التركيز علي تحسين إنتاجية الموارد البشرية وتحسين مناخ الأعمال في مصر. نظام قومي للتحديث وأضاف التقرير أن التحديث يمثل القوة الدافعة في القدرة التنافسية للدول حيث يشمل القدرة علي استيعاب وتطويع التكنولوجيا المستوردة ويتجاوز مجرد تحسين المستوي المتدني للغاية للبحث والتطوير فهو يتطلب مجموعة كبيرة من النظم الخاصة بالموارد البشرية ويطالب التقرير بضرورة ايجاد مجتمعات متفتحة ومتسامحة علي نحو يدفع إلي طرح التساؤلات وإلي التفكير النقدي بحيث يوجد مناخ يسمح لصغار السن بابتكار الافكار كشرط ضروري للتحديث مع ايجاد قاعدة صلبة في العلم والتكنولوجيا وتطوير القدرات الذاتية. ويوضح التقرير أنه يجب التركيز من الناحية الجغرافية علي مواقع الصناعات ذات التقنية المتقدمة المحيطة بالقاهرة والاسكندرية والتي يمكنها أن تجتذب بدرجة متزايدة الاستثمارات المحلية والأجنبية ويمكن أن تتحول تلك المواقع إلي تجمعات أكبر تشمل مساحات متخصصة ومناطق صناعية وحضانات لحركة الأعمال. اقتراح محدد اختتم تقرير القدرة التنافسية المصرية بتوصية علمية حيث أكد علي حاجة مصر إلي الاتفاق حول رؤية مشتركة علي أن يتولي المجلس القومي المصري للقدرة التنافسية تنظيم لقاء يجمع بين قادة القطاع الخاص والقطاع العام والمجتمع المدني لتشكيل رؤية مشتركة ولتوحيد العمل من أجلها علي أن يتم خلال السنة القادمة تناول مجموعة تضم من 8 إلي 10 أولويات أساسية ويمكن أن تجمع خلال نفس الفترة التوصيات التي سوف تتشكل منها استراتيجية وطنية شاملة لمصر.