هذا الزمان أقامت أسبانيا احتفالية عالمية كبري في ذكري وفاة ابن خلدون أكبر علامة في تاريخ علم الاجتماع وواحد من أبرز وجوه الثقافة العربية التي تركت أثاراً عميقة علي الثقافة الغربية.. إن ابن خلدون هو الأب الشرعي والرائد الحقيقي لعلم الاجتماع وهو واحد من العقول التي تابعت الحضارة الإنسانية في مراحل مختلفة ما بين النهضة والانهيار.. وقد شارك عدد من الرؤساء العرب في هذه الاحتفالية كان علي رأسهم الرئيس مبارك تأكيدا للتواصل الفكري والثقافي والحضاري بين الشعوب.. ولا أحد يعلم حتي الآن ماذا أعدت الدول العربية لكي تحتفل بابن خلدون.. وأين برامجها الثقافية من الندوات واللقاءت وما أثر هذا العالم الكبير في مسيرة علم الاجتماع.. أن الدول العربية مشغولة بأشياء كثيرة في السياسة والرياضة وكبت الحريات وربما كان آخرها أن تهتم بالذكري المئوية السادسة لرحيل ابن خلدون في القاهرة.. لقد انتقل ابن خلدون بين محاور ثلاثة اختلفت في نهجها الحضاري والثقافي فقد ولد في تونس وعاش جزءاً طويلا من حياته في الأندلس ثم رحل إلي القاهرة وعاش فيها حتي مات ودفن في ثراها.. كان ينبغي أن نسبق أسبانيا في احتفالنا بابن خلدون فنحن أولي به وهو أولي بنا ولكن من يدرك ذلك والعرب غارقون في متاهات كثيرة بين سلم ضائع وثقافة شاحبة وقضايا ومعارك فات أوانها منذ زمان بعيد.. كانت الدول العربية هي الأحق بأن تحتفل بابن خلدون وتجمع رموز الثقافة العالمية من كل اتجاه.. ولكن أسبانيا سبقت وأقامت هذه الاحتفالية التي جمعت كل أجناس الأرض في لقاء ثقافي وحضاري كبير.. إن أسبانيا تحاول منذ سنوات أن تؤكد وجهها الثقافي العربي الأوروبي كطليعة حية للقاء عبقري بين الشرق والغرب ومن هنا بدأت تهتم بهذه الفترة من تاريخها التي امتزجت فيها الدماء العربية بالدماء الغربية وشكلت وجها حضاريا فريدا ومميزا وكان الأولي بنا أن نشارك في هذا الحدث الكبير ولكن العرب لا تعنيهم كثيرا قضايا الفكر والثقافة لأنها أصبحت الآن علي هامش حياتهم واهتماماتهم أمام مسئوليات أخري غاية في السطحية والسذاجة.