قابل الناس أحداث تفجيرات "دهب" بالحزن والاستياء، فقد نال المجرمون الذين قاموا بهذه التفجيرات من فرحة الشعب بالعيد المصري الاصيل "شم النسيم" واوقعوا خسائر بالارواح والممتلكات وأثاروا الفزع في نفوس الابرياء، ولكنهم لم ينالوا من ارادة المصريين في مطاردة تلك الاشباح المتشحة بالظلام لتنفيذ عمليات قتل بالجملة. وهذه المجموعات التي تتبني عمليات ارهابية تتميز بالجبن وعدم القدرة علي المواجهة، وهي ضالة لانها تتخذ لانفسها اهدافا عشوائية يتصادف وجودها في المكان الذي تتمكن من التسلل إليه والنفاذ من الرقابة الامنية حوله. واما استياء الناس فهو من محاولات الحكومة تبسيط الموضوع والايهام بانه عمل طائش او فردي او مثل هذه التعبيرات الشائعة، قال احد المواطنين في تعليق سريع علي الحادث: اخشي ان يوصف بانه فردي او قام به مختل. نفهم ان الاجهزة الحكومية لا تريد ان تثير قلق الناس اكثر من اللازم او تعطي انطباعا بان هناك خطرا حقيقيا علي البلاد من مثل هذه الجماعات ولكن للاسف هذه السياسة باتت غير مجدية لان اجهزة الامن لن تستطيع وحدها مواجهة مثل هذه الاعمال ولن تستطيع ان تضع جنديا او مخبرا في كل مكان محتمل ولن تستطيع حصر الاماكن المحتملة لوقوع اعمال ارهابية لان هذا ضد المنطق وضد التفكير العملي. والارجح ان البلاد مستهدفة فعلا باعمال ارهابية وان العدوي انتقلت اليها كما انتقلت انفلونزا الطيور من قبل، ويجب ان تكون هناك سياسة مختلفة ومتطورة مبنية علي رؤية متفهمة لحقيقة الاوضاع دون تهوين او تهويل والكف عن استخدام القوالب الجاهزة من التفسيرات المعتمدة لدي اجهزة الامن. إن قانون الارهاب المقترح لن يحمي مصر من الارهاب، كما ثبت ان قوانين الطوارئ لن تحول دون وقوع اعمال ارهابية.. اذن الفكر القائم علي اعطاء مزيد من السلطات قد يفيد ولكنه غير كاف بالمرة مادام لا يجد تجاوبا من الناس واعترافا باهميته؛ لان الحماية الحقيقية تتوافر فعلا اذا وجد جهاز الامن التعاون الكافي من الشارع الذي يستطيع ان يلاحظ اي شيء غريب فيه في الوقت المناسب وينبه الاجهزة الي الخطر المحتمل. ومرة اخري سأعيد تفسير الاحداث تفسيرا سياسيا وليس امنيا، فالامن لايزال وسيلة من وسائل تحقيق الاستقرار كغاية سامية للمجتمع، ولا يمكن فرض التعاون مع اجهزة الامن الا من خلال عمل سياسي يقتنع به الناس وليس من خلال قوانين للطوارئ او مكافحة الارهاب.