[email protected] منذ نحو عامين توقع الكثير من خبراء تكنولوجيا المعلومات أن يفقد البث التلفزيوني التقليدي أهميته في عالم صناعة الإعلام مؤكدين أن المستقبل في صناعة الإعلام هو للإنترنت فالإعلام التلفزيوني يواجه تحديا كبيرا سيخسره شيئا فشيئاً لصالح الانترنت وبالفعل أبرمت الشركات العالمية للتكنولوجيا والاتصالات مجموعة من الاتفاقيات التي تجعل من الخدمات التلفزيونية عبر الانترنت واقعا ملموسا. وأبدت شركات الاتصالات العالمية حماسا كبيرا حيال هذه الخدمات الجديدة التي ستؤدي إلي إطلاق سوق خدمات إضافي وجديد لنطاق عملها حيث توقع الجميع حدوث طفرة حقيقية في مجال البث التليفزيوني عبر شبكات الاتصالات المحمولة في مطلع عام 2008 إلا انه يبدو أن الرغبة في تعظيم القيمة المضافة لمستخدمي التليفون المحمول دفعت الكثير من شركات تصنيع أجهزة التليفون المحمول إلي دعم عمليات البحث العلمي لتطوير أنظمة أجهزة تليفون محمول قادرة علي استقبال البث التليفزيوني دون الحاجة إلي الدخول إلي الانترنت أو حتي الاتصال عبر الأقمار الصناعية وإنما عبر ترددات البث الحالية لمحطات شبكات المحمول. وكشفت مؤخرا إحدي الشركات اليابانية العاملة في مجال تكنولوجيا الاتصالات عن جيل جديد من التليفونات المحمولة المزودة بتقنية استقبال البث التلفزيوني "بعد أن ظلت هذه الخدمة في إطار التجريب طوال عدة شهور" ورغم أن هذه الخدمة ليست بمثابة مفاجأة لأحد خاصة أن هناك بعض الدول التي يتوافر فيها خدمات بث التليفزيون عبر التليفون المحمول "كبريطانيا وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية" إلا أن الجديد في هذه الخدمة هو اعتمادها علي نظام البث الرقمي عبر أبراج التلفزيون الخاصة بالمحطات الأرضية وليس عبر الأقمار الصناعية واستخدامها موجات البث عبر الأثير عوضاً عن الاتصال عبر الانترنت في إرسال لقطات الفيديو. ونتصور أن هذا الخطوة ستفتح الباب علي مصراعيه أمام اندماج أكبر بين التقنيات الحديثة في قطاع الاتصالات وبين البث التليفزيوني فبعد أن أصبح التليفون المحمول أداة فعالة في مجال ألعاب الفيديو وتحميل ملفات الموسيقي والأغاني عبر الانترنت، والبث الاذاعي، وتبادل البريد الالكتروني والمتابعة اللحظية للأخبار السياسية، وأخبار البورصة، فضلا عن تخزين الصور الرقمية، والإبحار عبر الانترنت أصبح نقل البث التليفزيوني أحدث الخدمات التي يمكن تقديمها عبر هذا الجهاز. نتصور أننا في حاجة ماسة اكثر من أي وقت مضي لتأسيس مجموعة محلية تشكل نقطة التقاء بين صناع الإعلام "شركات القنوات الفضائية سواء الحكومية والخاصة" من جهة وصناع التكنولوجيا وتقنيات الاتصالات "شركات تكنولوجيا المعلومات ومشغلي شبكات خدمات الاتصالات المحمولة" من جهة أخري لوضع تصورات مستقبلية لكيفية التعامل وتعظيم الاستفادة من هذا الاندماج الكائن بالفعل بين تقنيات ثورة الاتصالات المحمولة والإعلام المرئي والذي بات أقرب بكثير مما كنا ننتظر لاسيما بعد أعلنت شركة الاتصالات الألمانية مؤخرا أنها ستقوم ببث تليفزيوني لمباريات كأس العالم القادمة لكرة القدم عبر شاشات التليفون المحمول. في النهاية نؤكد أن التقنيات الحديثة ستواصل مسيرتها في تغيير العالم بطرق لا نستطيع تخيلها الآن.