مرة أخري تدخل قضية «الجمعية التأسيسية» لصياغة الدستور في نفق مظلم بسبب موقف الهيمنة والاستحواذ الذي تمارسه الأكثرية التي يمثلها حزب «الحرية والعدالة» في مجلسي الشعب والشوري، فبعد الحكم القضائي بإلغاء قرار المؤتمر المشترك للأعضاء المنتخبين في مجلسي الشعب والشوري بتشكيل الجمعية من 50% من أعضاء المجلسين و50% من خارجه، والاتفاق الذي تم في اجتماع المجلس الأعلي للقوات المسلحة مع رؤساء الأحزاب السياسية علي عقد اجتماع رؤساء الأحزاب الممثلة في البرلمان «الشعب والشوري» ورؤساء الهيئات البرلمانية ورئيسي مجلسي الشعب والشوري للتوافق حول معايير صحيحة لاختيار أعضاء «الجمعية التأسيسية» من خارج السلطة التشريعية وبعيدا عن منطق الأغلبية والأقلية، لجأ حزب الحرية والعدالة للمناورة وإلغاء الاتفاق والتحرك للانفراد في النهاية باختيار أعضاء الجمعية التأسيسية، وعهد إلي اللجنة التشريعية بمجلس الشعب بعقد جلسات استماع للهيئات المختلفة تطرح خلالها تصوراتها لمعايير تشكيل الجمعية التأسيسية، علي أن تتولي اللجنة التشريعية منفردة اتخاذ القرار الخاص بمعايير تشكيل اللجنة واختيار أعضائها. وكانت الأحزاب المدنية الممثلة في البرلمان وبحضور 17 من رؤسائها قد عقدت سلسلة اجتماعات في مقر حزب الوفد وانتهت يوم الخميس الماضي للتوافق حول معايير تشكيل الجمعية التأسيسية تمهيدا لعرضها علي المجلس الأعلي للقوات المسلحة في اجتماع مشترك كان محددا له يوم الأحد الماضي، ولكن وبناء علي طلب حزب الحرية والعدالة تقرر تأجيل الاجتماع إلي يوم الغد «الخميس» لأعضاء الحزب وحلفائه فرصة لصياغة مشروع يتم التوافق حوله بين الأحزاب السبع عشرة وأحزاب الحرية والعدالة والنور وحلفائهما. وفوجئ رؤساء الأحزاب بالدعوة لحضور «جلسة استماع» في اللجنة التشريعية في السادسة مساء الاثنين «أول أمس» وليس اجتماعا للمناقشة والتوافق حول المعايير الخاصة بتشكيل اللجنة، وقرر رؤساء الأحزاب عدم المشاركة في هذه المناورة الإخوانية. وفي الموعد المحدد لم يحضر رؤساء أحزاب الوفد والمصري الديمقراطي الاجتماعي والمصريين الأحرار وغيرهم، وتوجه رؤساء وممثلو 8 أحزاب إلي مجلس الشعب بناء علي دعوة وجهت لكل رؤساء الأحزاب في الساعة الثالثة بعد الظهر، لتبين الأمر، وكان من بينهم أيمن نور «حزب غد الثورة» وحسين عبدالرازق «ممثلا لحزب التجمع» ورؤساء أحزاب العدل والاتحاد والسلام الديمقراطي الاجتماعي والحرية والاتحاد العربي والمواطن المصري، وعندما تأكدوا من أن الجلسة هي جلسة استماع ويغيب عنها رئيسا مجلسي الشعب والشوري ورؤساء الكتل البرلمانية، وأن القرار سيتخذ بعيدا عن هذا الاجتماع وبدون مشاركة من رؤساء الأحزاب قرروا الدخول إلي اجتماع «اللجنة التشريعية» وتكليف أيمن نور بإعلان انسحابهم وأسبابه، ثم انسحبوا جميعا بعد إعلان القرار، لتعود قضية «الجمعية التأسيسية» إلي نقطة الصفر بفضل موقف حزب الحرية والعدالة.