السفيرالمصري ببرلين يدعوا إلي زيارة مصرومشاهدة معالمها الأثرية والتاريخية والسياحية    المالية تنفي الإعلان عن حزمة اجتماعية جديدة: «سابق لأوانه»    وصول أكثر من 1000 سوداني إلى محطة ميناء السد العالي بأسوان    البيت الأبيض: ترامب «فوجئ» بالقصف الإسرائيلي بسوريا    زيلينسكي: جولة جديدة من المفاوضات مع روسيا ستجري يوم 23 يوليو    هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب لن تتنازل عن خرائط الانسحاب من غزة بعد الآن    وزير الخارجية الإيراني: لا يمكننا التخلي عن تخصيب اليورانيوم    «جايب 6 أهداف في ست سنين».. أسامة حسن يطالب ببيع نجم الزمالك    ضبط المتهم بسحل طليقته للاستيلاء على أرضها بالبحيرة | فيديو    سقوط «بلطجي» روّع شخصًا بسلاح أبيض في المنوفية | فيديو    التصريح بدفن جثة ربة منزل لقيت مصرعها خنقًا علي يد زوجها بالقليوبية    «كانت حفلة صعبة.. وإمام عاشور اتنقذ».. تعليق ساخر من الغندور على إيقاف راغب علامة وفتوح    4 أبراج «بتسيب أثر فيك».. ساطعون كالنجوم لا يمكن نسيانهم وحضورهم طاغٍ    تفسير آية| «أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا» الشعراوي يوضح سر وجود الإنسان وغاية خلقه    لا علاقة له ب العنف الجسدي.. أمين الفتوى يوضح معنى «واضربوهن»    الكنيسة تفتح أبوابها لاستقبال قداسة البابا تواضروس الثاني    منظمة الصحة العالمية تعلن استهداف قوات الاحتلال لمقرها وسط قطاع غزة    الأردن يرحب ببيان 25 دولة حول الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة    الأمم المتحدة: استمرار العنف في سوريا يؤجج النزوح الجماعي في السويداء    "مستقبل وطن" ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بالشرقية لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ    فريدة تمراز: حلمى كان إعادة مصر إلى خريطة الموضة العالمية ببراند معترف به    الصحف المصرية.. رسالة السودانيين لمصر: شكرا من القلب    مصطفى العش: معسكر تونس مفيد.. ونسعى لتقديم موسم قوى مع الأهلى    حسن شحاتة يخضع لعملية جراحية    تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي علوم.. مؤشرات كليات طب بيطري 2024 بالدرجات    "أنا على الهوا".. موقف طريف لمعلق ودية الأهلي والملعب التونسي (فيديو)    «أنا مش معاهم».. وسام أبوعلي يتبرأ من الاتحاد الفلسطيني بعد أزمته مع الأهلي    «لن يعتزل».. الكشف عن وجهة علي معلول بعد رحيله عن الأهلي    مؤشرات تنسيق كلية التربية 2025 في جميع المحافظات (علمي وأدبي)    مديرية التعليم بالسويس تعلن أسماء 102 فائزًا في مسابقة ال30 ألف معلم    إدراج كلية الطب بالجامعة الأهلية في المنيا في الاتحاد العالمي للتعليم الطبي    مصرع شاب من المنوفية صعقًا بالكهرباء داخل مصنع بأكتوبر    جدول امتحانات الدور الثاني 2025 في الجيزة ( صفوف النقل والشهادة الإعدادية)    إصابة 9 أشخاص بحالة إعياء بعد تناولهم وجبة عشاء في فرح ب الدقهلية    وزير العمل: مواجهة عمالة الأطفال وحماية عمال الدليفري أولويات الوزارة    د.حماد عبدالله يكتب: "تدليع " الصناعة المصرية !!    الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025    وزارة الدفاع الأمريكية: مشاة البحرية تنهي انتشارها في لوس أنجلوس    بإطلالة جريئة.. 10 صور ل بوسي أثناء قضاء إجازة الصيف في الساحل    داليا البحيري بفرنسا وميرنا جميل في عرض البحر .. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن | منع راغب علامة من الغناء وحقيقة إصابة أنغام بالسرطان    رئيس وزراء الكويت يستقبل كامل الوزير لبحث التعاون الاستثماري وتوسيع الشراكة الاقتصادية    عيار 21 الآن بعد الزيادة الجديدة.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 22 يوليو في الصاغة (تفاصيل)    التحقيق في وفاة سيدة مسنة إثر سقوطها من الطابق السادس بمستشفى طيبة بإسنا    «مكرونة الزواج».. وصفة بسيطة يطلق عليها «Marry me chicken pasta» (الطريقة والمكونات)    ضبط طفل يقود سيارة ملاكي في الجيزة عقب تداول فيديو الواقعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي    نجم الزمالك السابق ينتقد اعتذار وسام أبو علي للأهلي    ماذا قال عن بيان الاتحاد الفلسطيني؟.. وسام أبو علي يعتذر لجماهير الأهلي    عمر كمال: استفدنا بشكل كبير من ودية الملعب التونسي.. وجاهزون لتحديات الموسم المقبل    "تنظيم عمل المؤثرين": توصية رئيسية لدراسة ماجستير للباحث محمود أبو حبيب بجامعة عين شمس    سقوط سيارة نقل من معدية شرق التفريعة ببورسعيد وجهود لإنقاذ مستقليها    انتشال جثة ونقل مُصاب إثر سقوط سيارة نقل من معدية شرق التفريعة ببورسعيد    رسميا.. افتتاح وحدة مناظير أورام النساء بمستشفى 15 مايو التخصصي    وزير الصحة يتفقد مشروعات تطوير مستشفيي الأورام والتل الكبير بالإسماعيلية    ملتقى أزهري يكشف عن مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن الليل والنهار    هل يجوز عمل عقيقة واحدة ل3 أطفال؟.. أمين الفتوى يجيب    هل النية شرط لصحة الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    أول ولادة لطفل شمعي من الدرجة المتوسطة بمستشفى سنورس المركزي بالفيوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يتقاطع مسار الثورة مع الانتخابات
نشر في الأهالي يوم 11 - 01 - 2012


أسباب نجاح تيارات الإسلام السياسي
لا يقدم الانقسام المجتمعي تفسيرا مباشرا لنسبة التصويت الضخمة لصالح الإخوان والسلفيين في أعقاب ثورة لم يشارك فيها السلفيون (بل وحرموا الخروج علي الحاكم قبلها رغم ظلمه وجرموا الاشتغال بالسياسة في عهده) وشارك الإخوان في احتجاجات عام أو أكثر قليلا فقط من الفترة السابقة علي الثورة، ولم يشاركوا في الثورة من بدايتها يوم 25 يناير، وشاركوا في 28 يناير دون رفع شعار إسقاط مبارك، حتي اندمجوا مع الثورة وكانوا من قواها الفاعلة
رغم مسارعتهم للإمساك بالعصا من المنتصف بقبول المفاوضة مع عمر سليمان نائب الرئيس مما يعني الموافقة ضمنا إذا ما ساءت الأمور علي قبول استمرار الرئيس ونائبه!
لكن السبب الرئيسي في هذا التأييد الجماهيري الانتخابي للإسلام السياسي يعود إلي عامل آخر وهو أزمة الهيمنة الإيديولوجية التي تمر بها الطبقة السائدة في مصر. لقد كان نموذج المواطن المصري العادي بعد ثورة 1919 وفديا مقتنعا بأن شعارات الاستقلال والدستور هي ما تمكن من صنع مستقبل لمصر. وبرز الإخوان في فترة وزارات الأقليات الديكتاتورية (وزارة القبضة الحديدية لمحمد محمود سنة 1928 ووزارة اسماعيل صدقي الأولي ودستوره عام 1931). وإذا كانت الفترة بين نهاية الحرب العالمية الثانية في 1945 وعام 1952 قد تميزت بتصاعد شديد لوتيرة النضال الديمقراطي والوطني فقد كان وجهها الآخر هو تراجع الإخوان المسلمين إذ نقصت منظماتهم من 2000 إلي 1500 في عموم القطر كما انخفضت عضويتهم بنسبة الثلث!
المستبد العادل
وأمام ظروف وتحديات عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية لم يعد حزب الوفد، حامل شعار الاستقلال والدستور- هو الممثل الوحيد للرأسمالية القومية الناشئة فقد برز اتجاه آخر جسده اتحاد الصناعات: اتجاه يضع آماله علي القائد الجديد للرأسمالية العالمية، الولايات المتحدة الأمريكية، بدلا من انجلترا. ويتخلص من روابطه مع كبار الملاك الزراعيين ويدعو إلي إصلاح زراعي من أجل توسيع السوق لمواجهة الكساد في فترة ما بعد الحرب. ويختلف هذا الاتجاه عن ليبرالية الوفد التاريخية بسخطه علي الحركة الجماهيرية النشطة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، والتي أدت إلي إضراب عمال شبرا الخيمة لمدة خمسة أشهر مع تشكيل اللجنة الوطنية للطلبة والعمال عام 1946، وإضراب البوليس ثم الجيش أعوام 1947 و1948، ثم بدء الكفاح المسلح ضد الإنجليز في منطقة القنال. وأدي هذا إلي تخلي هذا الاتجاه عن هامش الديمقراطية المتحقق وترويجه لفكرة المستبد العادل. وكان هذا البرنامج الذي دعا إليه اتحاد الصناعات وعبر عنه أحد أبرز أعضائه، صبحي وحيده، في كتابه الأشهر "في أصول المسألة المصرية" هو الاتجاه والبرنامج الذي تبناه الضباط الأحرار في 23 يوليو وعملوا علي تحقيقه تدريجيا انتهاء بتصفية الهامش الديمقراطي بعد أزمة مارس عام 1954.
وما يخصنا هنا في مجال بحث أزمة الهيمنة الإيديولوجية هو أن انتصار الاتجاه المعادي للديمقراطية في طبقة الرأسمالية القومية وتحقيقها لنجاحات في تصفية الهامش الديمقراطي الموجود في أعقاب ثورة 1919، وتحقيقها لما سمي ب"تأميم الصراع الطبقي" وتصفية كل المنظمات الجماهيرية من أحزاب ونقابات وكل أشكال التنظيم الجماهيري منذ الخمسينات، إن كل هذا قد صفي البديل الديمقراطي ولكن طرحت الناصرية إيديولوجيتها التي التف الشعب حولها ومؤداها الحلم ببناء بلد حديث وتحديث الصناعة وبناء السد العالي وتطوير التعليم والعلاج والعداء للاستعمار وتأميم قناة السويس والبنوك والمصالح الأجنبية. وهكذا كان نموذج المواطن المصري وفديا بعد ثورة 1919 وأصبح ناصريا في الخمسينات والستينات حتي جاءت هزيمة يونيو 1967. ومن المعتاد في التاريخ أن هزيمة سلطة ما كثيرا ما تعطي الراية للمعارضة، ولكن المعارضة الديمقراطية كانت قد تم تصفيتها وحل جميع أحزابها وتنظيماتها المتنوعة. وبما أنه "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان"، وأن الإيديولوجية أو الأفكار السائدة حول المجتمع والدنيا هي احتياج رئيسي للبشر لهذا فإن إفلاس الناصرية بالهزيمة مع عدم وجود البديل الديمقراطي الذي تم تصفيته وتصفية منظماته سابقا علي أيدي نفس النظام الناصري قد أديا إلي "الرجوع للأصول" وإعادة إحياء وانتشار الفكر الديني وكل الانتماءات التقليدية. ويعد ذلك صحيحا في مصر بقدر ما هو صحيح في العالم العربي حيث أدت هزيمة الفكر القومي بعد أن كان قد أنهي أو كاد الفكر الديمقراطي وصادر أدواته التنظيمية، أدي كل ذلك إلي تقوية التيارات الدينية بمختلف اتجاهاتها وأبرزها الإخوان المسلمون.
الخليج كبار المستثمرين
ولكن هذا السبب المهم والذي نراه السبب الرئيسي لا يفسر وحده بطبيعة الحال كل هذا النجاح في الانتخابات البرلمانية في مصر. فإذا كانت الانتخابات البرلمانية عموما تكسبها القوي الاقتصادية المتنفذة، فالإخوان المسلمون قسم من الطبقة المالكة المستثمرة الكبيرة ولديهم الكثير من الاستثمارات بالذات التي بنوها في المملكة العربية السعودية منذ هجرة الكثير منهم هناك هربا من اضطهاد الناصرية منذ عام 1954 وفتح المملكة الأبواب لهم والفرص ليغتنوا. كما تطور هذا الوضع لإنشاء التنظيم الدولي للإخوان المسلمين والمساندة المادية لبعضهم في المناسبات. ولكن يجب ألا يحجب هذا عنصر آخر في منتهي الأهمية: وهو الضخ المتواصل لمليارات الجنيهات من قبل الرجعيات الملكية الخليجية لقوي الإسلام السياسي. إن تلك القوي تتحسس عروشها وتدرك مغزي معركة الوجود التي تخوضها. لقد أتت موجة التيارات القومية في الخمسينات بالهزيمة والسقوط لملكيات وعروش وأنظمة "جمهورية" استبدادية وتابعة في الكثير من البلدان العربية مثل العراق وليبيا واليمن وغيرها. والموجة الحالية من الثورات الديمقراطية الأكثر جذرية تهدد بشكل أكبر، في حال استمرارها ونجاحها، باستئصال العروش الاستبدادية التي تنتمي للقرون الوسطي. لهذا تحارب تلك الملكيات بشراسة المعارك المتقدمة دفاعا عن وجودها ذاته بتدخلها السافر في بلادنا وتمويل كل القوي المحافظة والرجعية. وكا ن المرشد العام الحالي للإخوان المسلمين، محمد بديع، قد صرح مؤخرا بأن الإخوان قد قدموا 150 مرشحا في انتخابات مجلس الشعب عام 2005 ورصدوا لكل منهم 10 ملايين جنية ميزانية انتخابية فنجح منهم 88 عضوا (!)، أي أن ميزانيتهم في انتخابات عام 2005 كانت مليارا ونصف المليار! إذن فكم تبلغ ميزانيتهم في الانتخابات الحالية التي تقدموا فيها بحوالي 400 مرشح وتجري في ظروف ثورة تهدد كل معسكر المحافظين المحلي والرجعية العربية؟ وتحدث أحد التقديرات عن أن ميزانية الإخوان والسلفيين في المرحلة الأولي لانتخابات مجلس الشعب في هذه الدورة (والتي تجري علي ثلث المقاعد فقط) تقدر بستة مليارات جنيه! وهو ما نراه منطقيا ومنسجما مع كم الإنفاق الرهيب علي الدعاية التليفزيونية وكم اليافطات والمطبوعات والسيارات والمواكب والرشاوي الانتخابية بتوزيع اللحمة ومواد البقالة علي المواطنين غير شراء الأصوات بطبيعة الحال.
العمل الخيري
نقطة أخري مهمة لتفسير تفوق التيارات الدينية، حيث تحتاج انتخابات مجلس الشعب بالذات إلي تغلغل واسع لتنظيمات تتبع الأحزاب السياسية في مختلف أرجاء الوطن، فما قاعدة كل تيار من التيارات السياسية الرئيسية في مصر في الوقت الراهن وما مدي تغلغلها، خصوصا ونحن قادمون من فترة طويلة من مصادرة الديمقراطية والتنظيمات الجماهيرية؟ لا شك أن قاعدة التيارات الدينية هي الجمعيات الخيرية والمستوصفات الإسلامية ولجان الزكاة وغيرها وهي تنتشر في معظم الأحياء والمدن والقري. وتستند الأحزاب الليبرالية وغيرها لنفوذ العائلات الغنية وتعمل بالطبع علي تحقيق مصالح طبقتها، وهذه القاعدة بالطبع مشتركة بينها وبين أحزاب الفلول ويدور الصراع بينهم علي ممثلي تلك العائلات، وهذا هو أساس اشتمال الكثير من الأحزاب بما فيها أحزاب الكتلة الليبرالية والوفد علي أفراد من الفلول علي قوائمها. أما الأحزاب اليسارية والتقدمية والديمقراطية فلا يمكن تصور منظمات قاعدية جماهيرية لها غير النقابات المستقلة ومواقع التجمع العمالي ذات التاريخ النضالي والجمعيات والمنظمات التقدمية. وبالطبع فالعدد الكلي لتلك المنظمات ومدي تغلغلها في مختلف الدوائر بالقري والمحافظات والأحياء هو مستوي بالغ المحدودية بحكم الأوضاع الاستبدادية القائمة قبل الثورة. ولعل مثال النقابات المستقلة يعطينا دلالات مهمة: فلم يوجد قبل الثورة سوي ثلاث نقابات، وهي الآن أكثر من 140 نقابة: وهو معدل هائل للتطور في أقل من عشرة أشهر، ولكنه عدد محدود إذا ما قيس بمصر التي تحتوي علي 27 محافظة و256 مدينة وأربعة آلاف قرية! إن الانتشار في أرجاء القطر والتوجه لكل الطبقات الشعبية والدعاية والتحريض بينها وتنظيمها في مختلف أشكال التنظيم هو مهمتنا الرئيسية التي يجب أن نركز عليها، ولكن تلك المهمة مثل كل مهمة أخري تتم في الزمن وتحتاج للتراكم الضروري لخلق أساس قوي للنفوذ الثوري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.