يبدو أن الإدارة الأمريكية نجحت في احتواء الربيع العربي بل وتفوقت في تحويل مساره ليكون في خدمة العدو الصهيوني ومصالحه، هذا ما يعترف به السفير جيفري فيلتمان مساعد وزير الخارجية الأمريكي في زيارته الأخيرة لبيروت عندما أكد بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية استطاعت أن تحدد مصالحها مما يحدث من ثورات عربية. بعيداً عن تصريحات فيلتمان فان الوقائع علي الأرض تشير إلي تغير مسار ثورات واحتواء ثورات أخري بما يضمن المصالح الأمريكية - الصهيونية في المنطقة وهذا يمكن ملاحظته بوضوح في مصرواليمن وليبيا وسوريا وأخيرا البحرين. فسقوط نظام مبارك الموالي للإدارة الأمريكية وإسرائيل شكل أزمة كبيرة عند الإدارة الأمريكية لكنها سرعان ما استطاعت احتواء نتائج ثورة 25 يناير المصرية وبتحويل الثورة من تغيير نظام إلي تغيير رئيس فقط والإبقاء علي قواعد النظام السابق بل وإبعاد حركة الإخوان المسلمين عن الثورة عبر عطايا المجلس العسكري لهم في ضوء الفهم المشترك للمجلس العسكري والإدارة الأمريكية لطبيعة تركيبة الإخوان المسلمين وبرجماتيتهم الواضحة ومبدأ الغاية تبرر الوسيلة ثم تحالف الإخوان المعلن مع المجلس العسكري برعاية أمريكية ليكتمل الاتفاق الذي أعلن عنه جيفري فيلتمان في بيروت وهو أن الإخوان المسلمين في مصر يوافقون علي بقاء معاهدة كامب ديفيد وكل ذلك مقابل الوصول للسلطة فقط ، وهو ما يعني ضمناً أن الإدارة الأمريكية وإسرائيل قد رتبوا الوضع المصري وأبطلوا مفاعيل الثورة المصرية بتحالف الإخوان مع المجلس العسكري والذي يتضمن الإبقاء علي قواعد النظام السابق وإعطاء دور للإخوان في السلطة القادمة مع الحفاظ علي المصالح الأمريكية - الصهيونية. وعملت الإدارة الأمريكية علي إجهاض ثورة اليمن والبحرين بتحويل ملفاتها للسعودية لقيادة الثورة المضادة وتكرر السيناريو المصري في اليمن ولكن بفعل اتفاق وليس خلع كما حصل لحسني مبارك أي المبادرة بتغيير علي عبدالله صالح مع الإبقاء علي قواعد وجيش حزب المؤتمر الحاكم والعمل لاحقاً علي إعادة إنتاج رئيس لا يغير في سياسية اليمن علي الصعيد الداخلي والإقليمي، وفي البحرين نجحت الإدارة الأمريكية في توجيه الأحداث عبر التدخل السعودي وقمع الاحتجاجات والمماطلة وكسب الوقت عبر الإيعاز للنظام للقيام بإصلاحات وحوار شكلي لا يوصل المعارضة للسلطة ومحاولة تخفيض مطالب المعارضة لتكون في حدود إسقاط الحكومة فقط وكأنها مكسب كبير بدون إصلاح حقيقي يغير في قواعد اللعبة في المنطقة. بل تفوقت الإدارة الأمريكية في لعبها بالثورات العربية عبر صناعة ثورات وحركات مسلحة للتخلص من الأنظمة التي لا توافق هوي وسياسة البيت الأبيض كما يحصل في سوريا وقيامها كذلك بتصفية حساباتها مع دول كانت تسبب لها الأرق السياسي علي الصعيد الإقليمي وهي ليبيا لذلك جاء التحالف الفرنسي - الأمريكي لقيادة التغيير في سوريا وليبيا واستغلال الثورات العربية وعواطف العرب الجياشة نحو التغيير في تغيير النظام في ليبيا وسوريا وهذا ما أكد عليه فلاديمير بوتين في خطابه الأخير من قيام قوة أمريكية خاصة بقتل الزعيم الليبي معمر القذافي وليس كما يعتقد سابقا بأن ما يسمي ثوار ليبيا قد قتلوه. ويبدو إن الإدارتين الأمريكية والفرنسية نجحت في بيع السلاح لتدمير ليبيا وقطر لم تتأخر في دفع الفواتير كما نجحت في تقوية تنظيم القاعدة الذي يسيطر علي ليبيا حاليا كما قال ذلك الزعيم الليبي معمر القذافي عندما بدأت الحرب عليه وقد صدق وفي مرحلة لاحقه سوف تستفيد الإدارتان الأمريكية والفرنسية من قيام حرب جديدة في ليبيا لتدمير تنظيم القاعدة هناك وهم من صنعوه! ولكنها فواتير لزوم المصانع الأمريكية، وبينما ينشغل الليبيون بالقصف المدفعي وإطلاق راجمات الصواريخ علي بعضهم تلعب الإدارة الفرنسية بالنفط الليبي الذي حصلت منه علي نصيب الأسد أي بنسبة ثلث الثورة النفطية لها كضريبة لقيام قواتها الخاصة بإسقاط النظام الليبي والمشاركة في قتل قياداته.