حاولت الست الإعلامية أن تنفي عن نفسها تهمة التحريض علي قتل المتظاهرين السلميين أمام «ماسبيرو» لكن كلامها ثبت التهمة، وأكد أنها استحقت حكم الشعب عليها وعلي كل من يشارك في تضليل الناس وتحريضهم علي بعضهم البعض إلي حد القتل العمد. يشمل حكم الشعب كل الأطراف في إدارة الدولة من رأسها إلي ما هو دون ذلك علي سلم المنفذين، ولن يتلهي الشعب عن حقه في إنزال العقاب بالمذنبين خوفا من البلطجية، سواء منهم البلطجية علي الأرض أو علي شاشات التليفزيون، وإذا كان هناك عجز عن قراءة التاريخ فلا عذر لمن يعجز عن قراءة الواقع. واقع الأمر أن الثورة اندلعت في مصر لجملة من الأسباب، يأتي في القلب منها أن الناس فاض بهم الكيل من وطأة أعباء الحياة وغياب الأمل في تحقيق أي قدر من العدل الاجتماعي، وهو نفس السبب المحرك للمظاهرات في اليونان وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وأيرلندا والبرتغال بل في عقر دار القطب الرأسمالي الأكبر، وعلي أبواب قلعة المال والأعمال في وول ستريت - نيويورك - ولقد احتشد المتظاهرون ولايزالون مطالبين بحقوق ال 99% لأن الأغنياء عندهم والذين يمثلون 1% من الشعب الأمريكي هم الذين كذبوا وادعوا أن سياساتهم الاقتصادية هي الكفيلة بتحقيق التنمية، يعني مشروعات وفرص عمل ورفاهية، لكنهم فشلوا في تحقيق أي من ذلك، والأدهي والأمر أنهم لا يعترفون بخطأ سياساتهم، ومازالوا يماطلون ويقاومون فرض الضرائب العادلة علي ثرواتهم، رافضين الإصغاء لأهل العلم والخبرة في الاقتصاد، والذين يؤكدون الحاجة الملحة لصياغة نظام اقتصادي جديد لإنقاذ العالم من انهيار وشيك، وإذا نظرنا إلي أوروبا لوجدنا محاولات مستميتة لإنقاذ العملة الموحدة وترميم الاقتصاد المتداعي، لكنها خطوات مقصورة علي حل المشكلة التي يتكبر الأغنياء والحكام علي الاعتراف بها، ففي بلاد الغرب كما في بلادنا لا أحد يريد الاعتراف بالخطأ وبأن نظام السوق الحر الذي أخذناه عن الغرب عجز عندنا كما عجز عندهم، فلا تنمية حقق ولا مشروعات بني، ولا في أي قدر من العدالة الاجتماعية فكر، هل ننتظر أن من جنوا أموالا لا تعد ولا تحصي من ثمار الخصخصة يمكن أن يعترفوا بالمسئولية عن تقويض البنية الأساسية الزراعية والصناعية في بلادنا؟، وهل نتوقع من الذين خصخصوا الأثير، الهواء الذي ينقل للناس كل ما يذاع عليهم عبر الإذاعة والتليفزيون، هل ننتظر منهم أن يعترفوا بتدمير البنية البشرية للإذاعيين بحيث لا يبقي منهم سوي غير المؤهلين، ومنهم القادرون علي ارتكاب جريمة التحريض علي القتل، وبعد أن سالت دماء ضحاياهم يكابرون!!! يقول لنا الواقع إن من كسب وتكسَّب من نظام اقتصادي وسياسي يظل عاجزا عن إدراك سقوط النظام، يحدث هذا في الغرب كما يحدث عندنا.. والمعني أن أحدا لن يعترف بالخطأ، بل سيواصلون الاستماتة والدفاع عن مواقعهم، يمارسون البلطجة إن في الميادين أو علي الشاشات.. والظن عندهم أن الحال بهذا يدوم. ويقول لنا التاريخ إن من يتلكأ أو يتغافل عن قراءة الواقع.. فإن عناصر هذا الواقع نفسه كفيلة بإجباره علي أن يفهم.. والقوانين التي يتم تنفيذها أو لا يتم حسب المصلحة أو الهوي سيأتي لها يوم تطبق فيه علي خناق العابثين بها، وإذا كان النظام الساقط واصل لسنين تقنين التربح وتشجيع الخروج علي القواعد المهنية، فإن أهل المهنة.. كل مهنة.. مطالبون بالتشبث بالقواعد الأصيلة لممارسة المهنة بل إن الثورة تستحثهم لصياغة ما يتوجب صونا للمهنة وتأمينا للوطن.