صدر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد مجاهد، كتاب بعنوان «يوميات ثورة الفل» للكاتب والمفكر الدكتور نادر فرجاني.. الكتاب المكون من 157 صفحة عبارة عن مجموعة مقالات - نشرها الكاتب في مواقع إلكترونية وصحف مصرية وعربية - تعبر عن رؤية المؤلف في تطور ثورة الفل (25 يناير) منذ اندلاعها، وتنتهي إلي حالة من القلق والحيرة التي أصبحت زادا يوميا للمصريين تعبيرا عن المخاطر الجسيمة التي باتت تهدد غايات الثورة في الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية بعد ستة شهور من بدئها. يحلل الكاتب في بداية عمله سبب اختيار مسمي «ثورة الفل» ليطلقها علي ثورة 25 يناير قائلا إنه ممن يحبون إطلاق أسماء الزهور علي الثورات السلمية، فمع بدء المد التحرري العربي بثورة تونس كان طبيعيا أن يطلق عليها الشعب التونسي مصطلح «ثورة الياسمين» لما تحتله تلك الزهرة البديعة من مكانة بارزة في الوجدان التونسي والتقاليد التونسية الجميلة، ومع انطلاق ثورة مصر بدت تسميتها بثورة الفل منطقية بل ملحة لما تحتله زهرة الفل بعبيرها الفواح ونقائها المبهر من مكانة في الوجدان الشعبي المصري. يضم الكتاب عدة مقالات، من بينها دروس انتظار إرادة الحياة، لنتعلم من شعب تونس، خطايا الحكم التسلطي تظل تهدر الحرية والعدل حتي بعد التخلص من رأسه الفاسد، ثورة الفل تلحق بثورة الياسمين، لتبدأ مصر الفل صفحة بيضاء من غير سوء، السيد الرئيس السابق، المماطلة لن تجدي وسوف تضرك، عتب محب للمجلس والحكومة وغيرهم. في البداية تطرق الكاتب إلي ثورة الياسمين وهي ثورة الشعب التونسي بداية من شرارة الثورة وهو «محمد بوعزيزي» الذي قام بإحراق نفسه أمام الناس احتجاجا علي الحكم التسلطي وإهدار كرامته عندما صفعته شرطية بينما كان يسعي وراء الرزق حتي هروب الطاغية إلي نظام حكم تسلطي يتشدق بحماية الإسلام ومقدساته. قام الكاتب بسرد أحداث ثورة (25 يناير) ! بداية من خروج الشباب الذي لم يتنازل عن رحيل وإسقاط النظام حيث عرض الرئيس ألا يرشح نفسه لمدة رئاسة سادسة وتعهد بتحقيق الإصلاحات الدستورية وتعيين نائب له وتشكيل وزارة جديدة إلا أن هذا لا يجدي بعد قيام ثورته المضادة عن طريق تجنيد صعاليك ومأجورين ومسلحين بعضهم علي دواب ويحملون هراوات وأسلحة بيضاء لضرب الثوار. واستطرد الكاتب إلي خطابات الرئيس السابق معلقا عليها بسخرية إلي أن ظهر نائب الرئيس بوجهه المتجهم والعبوس ويعلن تخلي رئيسه عن الحكم. تطرق الكاتب إلي تعريف ثورة الفل هل هي ثورة شباب أم ثورة شعب؟ فألقي الضوء علي دور المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي حسم المعركة بين الشعب والرئيس المخلوع حيث كان المجلس الأعلي للقوات المسلحة في الأغلب الأعم عند حسن ظن الثورة والشعب حين قام بمساءلة أساطين الفساد والاستبداد في نظام الحكم السابق وإعلانه عن حكومة تسيير الأعمال القائمة أنها لن تشرف علي الانتخابات القادمة وتوسيع نطاق إصلاح الدستور لتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية وضمان نزاهة الانتخابات والتمهيد لإيقاف العمل بحالة الطوارئ وتلك الحكومة هي حكومة «أحمد شفيق». قام الكاتب بشرح مسألة التعديلات الدستورية التي خيبت الآمال من وجهة نظره في أنها اهتمت بشخص رئيس الجمهورية وشروط الترشح للمنصب ومدة بقاء الشخص المنتخب له في السلطة ولم تركز علي مؤسسات الحكم الديمقراطية وضمان تقييد سلطات الرئيس. حيا الكاتب دور المجلس العسكري في مرحلة الثورة ولكن حثه علي تسليم السلطة العليا في مصر لمجلس مدني يدير المرحلة الانتقالية تأسيا بالتجربة التونسية الرائعة التي أسلمت الحكم لإدارة مدنية انتقالية دعت لانتخابات جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد. تقدم الكاتب باقتراحات حول محتوي دستور مصر «الحرية والعدالة» ساعيا إلي إثراء النقاش العام حول ذلك الدستور الذي يجب أن يشارك الشعب فيه حتي تتحقق ضمانة امتلاك الشعب للدستور القادم. كما تناول عملية التنمية، وما هي التنمية التي نريدها؟ تلك التنمية التي تقضي علي الفشل التنموي الحاد الذي خلفه الحكم التسلطي البائد من خلال تحالف الاستبداد مع الرأسمالية ويحلل الكاتب موضوع الرجعية العربية من حيث رفض «دويلة» الإمارات استقبال رئيس وزراء مصر بسبب اعتراض الإمارات علي إعمال حق شعب مصر في مساءلة حكامه المفسدين في الأرض، وكذلك دولة السعودية التي استضافت جلاد تونس الفار وعائلته بما نهبوا من ثروة تونس وشعبها. وحذر الكاتب تلك الدول من أنها لن تنجو من انتصار المد التحرري الذي سيتفاوت من بلد عربي لآخر حسب خصوصيات تلك الدول. رأي الكاتب ضرورة وضع الدستور قبل مجيء مجلس الشعب والرئيس حيث إن هذا سبيل للانتقال الآمن إلي الحكم الديمقراطي الصالح. من زاوية أخري، طالب الكاتب بوأد الفتنة الطائفية عن طريق مناهضة التمييز وإقرار مبدأ المواطنة المتساوية للجميع ووضعه علي رأس أولويات البناء الدستوري والمؤسسي لمصر الثورة. رأي الكاتب أنه يوجد وزير في حكومة «شرف» هو خصيم للثورة والمستضعفين وهو وزير المالية الذي طالما لمّح في وسائل الإعلام إلي أن الثورة تسببت في خسائر ضخمة للاقتصاد المصري، وكان أولي به أن يتعامل مع المطالب المشروعة بحقوق شهداء الثورة والمصابين فيها بالكرم نفسه الذي أبداه لتعويض أصحاب الأعمال الذين تضرروا من المكائد المضادة للثورة بالإضافة إلي تخصيص عشرات الملايين لصحف رسمية وقت أن كانت تهاجم الثورة والثوار. حذر الكاتب من الأخطاء التي ترتكبها السلطة الانتقالية أي «المجلس الأعلي للقوات المسلحة وحكومته» فقد تتحول تلك الأخطاء إلي خطايا تضر بغايات ثورة شعب مصر «ثورة الفل». وفي الختام اقترح الكاتب بعض السمات التي يجب أن تتوافر في أي حوار مجتمعي إذ يجب أن يكون حوارا وطنيا واسع النطاق بحق، بمعني أن يتسع من حيث المبدأ لمشاركة الشعب بكامله من دون إقصاء مسبق، وأن يكون الحوار الوطني منشغلا بالقضايا الملحة علي الوطن والمواطن، وأن يكون أصحاب القرار منصتين لمطالب المتحاورين.