مازال المصريون يتذكرون جيدا مشهد عيد وفاء النيل في الخامس عشر من أغسطس والاحتفال بعروس النيل وطقوسه المقدسة التي كانت تقام ابتهاجا بفيضان النيل بزفاف فتاة جميلة وإلقائها بين أحضانه، الغاية التي تتمناها كل فتاة في مصر في ذلك الوقت تعبيرا عن قداسة هذا النهر العظيم الذي جعلوه إلها وسموه «حابي»، وبعدما أصبح هذا النيل مهددا بالضياع، عادت فكرة الاحتفال مرة أخري لتكون مقترحا من دكتور «عفيفي عباس» رئيس بحوث متفرغ بمعهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية حيث تحديد يوم 15 أغسطس من كل عام يتم فيه الاحتفال بعرس الزفاف لمجموعة من الزيجات التي تعلن في ذلك اليوم بحيث يتحول الاحتفال إلي مناسبة عالمية تشترك فيها الدول مع مصر بعروس لكل منها في هذا اليوم حيث تكون الدول الأساسية هي دول منابع النيل وحوضه، وتأتي فكرة الاحتفال من الرغبة في تعميق الإدراك الثقافي بأهمية نهر النيل في ظل اختلاف وجهات النظر وتفسير المصالح لدول منابع ومصب النيل حول حصص المياه، الأمر الذي يجعلنا مطالبين الآن بأن نعمل ولو في جزئية صغيرة علي خلق روح التعاون الثنائي بين الشعوب حتي يكون لها مردود فيما يخص التقارب بينها وإبراز لأهمية النيل لاستمرار الحياة علي أرض مصر. ويستهدف هذا الاحتفال بعروس النيل التركيز علي أهمية الحفاظ علي الموارد المائية الحالية وتعميق ثقافة المياه التي من المفترض أن ينفرد بها شعب مصر في العالم، بالإضافة إلي إظهار أهمية الفنون الشعبية في مصر وتفاعلها مع الفنون الأخري لدول نهر النيل والعالم وكذلك دعم وتنشيط القطاع السياحي في شهور الصيف بما يصاحبه من احتفالات فلوكلورية تنعش السياحة وقد يصبح هذا الاحتفال علامة ثقافية وتاريخية في العالم وتكون مصر عن طريقه مركزا وبؤرة للإشعاع الثقافي. ومن الدول التي ستشارك في هذا الاحتفال من الدرجة الأولي مجموعة حوض النيل ودول أخري تمثل قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا وكذلك الجامعة العربية ومنظمة الدول الأفريقية ومنظمة الثقافة العالمية «اليونسكو». وباستعادة مشهد «هاميس» عروس النيل الأخيرة في الزمن البعيد نجد أن منطقة الاحتفال تضم منظرا متكاملا يعبر عن قلب القاهرة الحديثة وروح مصر مثل ميدان التحرير والمتحف المصري ومبني الأوبرا المصرية وبرج القاهرة. وسيتم الإعلان عن الاحتفال من خلال تسجيل أسماء من يرغبون في عقد قرانهم في الموعد المحدد من كل عام بحيث تقوم البلدان الأخري باختيار عروس النيل وتتقدم بها للمشاركة في هذا العرس بالإضافة لدعوة الشركات السياحية المعنية بالخدمات الفندقية والرحلات للمشاركة، علاوة علي تجهيز المركبات النهرية وتحديد قدراتها ويتم تجهيز موكب يبدأ من ميدان التحرير بعزف الموسيقي العسكرية ويتحرك الموكب إلي كوبري قصر النيل ومنه إلي ميدان الأوبرا المصرية وبعدها سيتم إلحاق العروس التي فازت باختيارها عروس النيل بالمركبة النهرية الرئيسية والتي تقود الاحتفال رافعة أعلام الدول المشاركة. ويري دكتور «عفيفي» صاحب الفكرة أن هذا الاحتفال يمكن تطويره عالميا موضحا أنه سيعطي مردودا جيدا في ملف الحوض فرغم الوفود الرسمية والشعبية التي تدخلت في الملف إلا أن التعامل مع القاعدة الشعبية والفولكلور هو ما سيصل للقيادات بشكل أسرع مما يصب في مصلحة مصر في النهاية.