مفكرون أقباط:فصل الدين عن السياسة ضرورة وطنية نجحت ثورة 25 يناير 2011 في توحيد الشعب المصري بكل فئاته وطوائفه: اغنياء وفقراء، شباب ومسنين، نساء ورجال، مسلمين ومسحيين لانها ثورة شعب كامل اهدافه كانت الحفاظ علي الوطن امام نظام ديكتاتوري مستبد والذي عمل طوال السنوات الماضية علي زرع الفتنة والاحتقانات الدينية. لقد صلي المصريون معا واقاموا القداسات الرمزية علي ارواح شهداء الحرية، والمشهد اللافت في ايام الثورة حين يصلي المسلمين يقفوا المسيحيون لحمايتهم اثناء الصلاة والعكس تماما كل يحافظ علي اخيه في الوطن ويتضامن الجميع معا منادين بمطلب واحد وهو إسقاط النظام ومؤكدين في الوقت نفسه مبدأ الوحدة الوطنية بينهما مع الهتافات والأغاني الوطنية المتنوعة، فعلي الرغم من موقفي الازهر الشريف والكنيسة في الايام الاولي للثورة وتحذيراتهما بعدم المشاركة في المظاهرات لانها تدعو للفوضي ليس اكثر.. فقد خرج الشعب من جميع فئاته معبرا عن غضبه وصمته الذي طال عقودا طويلة وبخاصة المسيحيين الذين عاشوا كثيرا تحت ستار العزلة يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية، لتبدأ الثورة والتي كانت بوادرها منذ تفجير كنيسة القديسين بالاسكندرية ليلة راس السنة ليخرج المصريون جميعا مسلمين ومسيحيين منددين بالحادث الاليم وتتغير الشعارات تماما من شعارات دينية في السابق (بالروح بالدم نفديك ياصليب) الي شعارات وطنية (وحدة وطنية الاسلام والمسيحية - مصر لكل المصريين..) ولتصبح الشعارات ايام الثورة الي (مش هانخاف مش هنطاطي احنا كرهنا الصوت الواطي- استقيل استقيل.. واحنا نحرس ارض النيل.... ) ووقف المسلمون والمسيحيون يدا واحدة لحماية الاثار الفرعونية ودور العبادة لتظهر الروح المصرية الاصيلة في الحفاظ علي وطنهم وحضارتهم بجوار حماية منازلهم من السرقة، تلك الروح الحقيقة للمصريين والتي حاول النظام مرارا القضاء عليها لتنفيذ خطته الدنيئة لسرقة مصر. مشهد اخر تمت ملاحظته اثناء الايام الاولي للثورة ففي الوقت الذي تعرضت فيه الكثير من المنشآت والمؤسسات العامة والخاصة للتخريب والنهب والسلب اثناء حالة الانفلات الأمني وغياب الشرطة شبه الكامل في البلاد، لم تتعرض أي كنيسة لاعتداءات أو هجمات رغم غياب الحراسة الأمنية عنها كما كان الحال ايام النظام البائد. ضغط النظام ويري المفكر كمال زاخر منسق التيار العلماني في مصر ان ماحدث من تدخل من قبل المؤسسات الدينية في مصر ( الازهر والكنيسة) في السنوات الماضية انما كان نتيجة ضغوط قوية من قبل النظام السابق بالاضافة لمحاولاته -النظام- العديدة علي اختزال المسيحيين داخل الكنيسة فقط تحت رئاسة البابا، لتعيد الثورة الحياة للروح المصرية التي شهدت محاولات لقتلها وشهدت محاولات زرع الفتنة بين الشعب الواحد من منطلقات طائفية لكنها لم تصمد أمام وعي شباب المسيحيين والمسلمين، وقد أكد الأقباط أنهم لا ينفصلون عن هموم الوطن لأنهم في قلب الوطن يحملون مسئولية المشاركة في حلها وحماية مقدراته وهم إذ يؤكدون تمسكهم بوحدة الوطن ويقفون جنباً الي جنب مع شركائهم في الوطن صفاً واحداً يؤكدون رفضهم للتصريحات المتخاذلة المنسوبة للقيادة الكنسية التي طالبت بعدم مشاركة الأقباط في فعاليات الانتفاضة الشعبية الشبابية، ولم يلتفت الأقباط الي دعوتها، بل يؤكدون مشروعية المشاركة التي تؤكد مصريتها. واكد زاخر ان وجود اكثر من حزب يعبر عن التيارات الاسلامية ظاهرة صحية لانهم لم يبقوا كتلة واحدة بعد بل بداوا الخروج للشارع وتفهموا جيدا الاتجاهات السياسية المختلفة للشعب المصري، ويرفض زاخر اي تيار او حزب علي نظام فئوي يضم اعضائه مسلمين فقط او مسيحيين فقط لانه ضد الصالح العام. وهذا ما اكده الانبا بسنتي اسقف حلوان، بتشجيع المواطنين علي الانتماء للاحزاب السياسية المختلفة التي تخدم شعبها مسلمين ومسيحيين وليس خدمة فئة بعينها لان المشاركة السياسية اصبحت حاضرنا ومستقبلنا وبناء علي ذلك لا خيار امامنا سوي الدولة المدنية لانها تقوم علي اسس ديمقراطية وانسانية والمساواة بين المواطنين كافة، علي عكس الدولة الدينية التي تحكم الشعب بمنظور ديني بطرق واساليب مختلفة لكل شخص حسب اهوائه، وحقيقة الامر ان الدين لله والوطن للجميع فلا داع لخلط الدين بالسياسة، وحث بسنتي الكنيسة والمسيحيين عامة علي استغلال ايجابيات الثورة وضرورة المشاركة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية لانه لم يعد بعد هناك تزوير لان الشعب هو الذي سوف يختار الممثل المناسب له بحرية كاملة دون ضغوط او اجبار. سلطة وأكد القس صفوت البياضي رئيس الطائفة الانجيلية ان الكنيسة جزء من المجتمع لاتطلب طلبات شخصية او امتيازات فئوية خاصة لان وجود استقرار الامن والسلام سيشمل المجتمع ككل وليس فئة معينة حتي لايحدث اختلال بالامن، واضاف البياضي ان المسيحيين جزءا من المجتمع لايوجد "قيم" او "واصي" علي شعب وبالتالي الكنيسة ليست لها حق القوامة او الوصاية علي المسيحيين ولكل شخص الحق في اختيار الحزب والتيار الذي يعبر عنه، ومن هنا سلطة رجل الدين لاينبغي ان تؤثر علي اتباعه سياسيا، وتوجهاته دينية وروحية فقط داخل الكنيسة والمسجد والمعبد وخارج ذلك الشعب حر في انتماءاته السياسية. وحذر البياضي من الانتماء السياسي تحت ستار الدين لان السياسية تتغير حسب الظروف والعصور، وبالتالي اخضاع الدين للسياسة هو اساءة للدين لان العقيدة بها ثوابت لا تتغير من نظام لاخر مثل السياسة ومن هنا فصل الدين عن السياسة يعد تقديرا واحتراما للدين. واشار البياضي ان الدولة المدنية وفصل الدين عن الدولة يؤديا للرقي والتطور وتحسين الانتاج والاوضاع كافة. وهذا ما اكده ايضا الأب رفيق جريش المتحدث الاعلامي للكنيسة الكاثوليكية بانه لايصح وجود احزاب علي اساس عرقي أو جنسي أو ديني، لان العامل المشترك هو في القيم والضمير فقط ويجب استثمار الوعي الذي ظهر لدي المصريين كافة في الثورة للصالح العام وليس فئة بعينها، بحيث نتفادي الشعارات التي تكرس للطائفية- الهلال والصليب- أو الاعلام والسينما الذي يعمل علي معاملة المصريين كاثنين وليس واحدا بل نعمل علي ذوبان الشعب معا بأنه شعب واحد فقط وليس اثنين. دور واضح ويري هاني الجزيري رئيس مركز المليون لحقوق الانسان ان الأقباط كان لهم دورا واضحا في الثورة وشاركوا فيها بقوة، مضيفا أن دم شباب العمرانية كان البداية ومظاهرات الشباب العمرانية كانت الشرارة ومن ثم دماء شباب كنيسة القديسين كان الدافع للتحرك العام فكانت البروفة حيث ظل المتظاهرين -مسلمين ومسيحيين- مستمرين في التظاهر لمدة خمسة أيام في مناطق شبرا والوراق وبعض المناطق الأخري. وخروج المسيحيين في 25 يناير ليس بصفتهم مسيحيين ولكن بصفتهم مصريين وأختفت الطائفية والأيدلوجية كمثال رائع لنكران الذات والتوحد تحت علم مصر. وبعد الثورة وبعد أن تنسم الشعب رائحة الحرية بدا التفكير في تكوين أحزاب مختلفه وهي ظاهرة صحية لا معني للخوف منها ولكنها ستنقي نفسها بنفسها ، فيكفي ان الجميع الآن أصبح له فكرا سياسيا وان الكنيسة قد بدأ إهتمامها بالسياسة، مع ظهور التثقيف السياسي للشباب بصورة واضحة في الشارع المصري.