كم حلمت بهذا اليوم! لا أستطيع أن أنكر إحساس بالتشفي والشماتة رغم قسوة الإحساس ومرارته، وأنا أري صور بعض من رموز نظام الحكم الفاسد وهم خلف قضبان الثورة المصرية. وكم حلمت بهذا اليوم، حلمت بالثأر لوطن كان كبيرا وصغر بهم، حلمت بالانتقام من رجال النظام الفاسد الذي سمم حياتنا، واغتال أعمارنا وأحلامنا. سقطت بعض ثمار شجرة الفساد التي مازالت جذورها تتشبث بالحكم، وهو سقوط رمزي للتضحية بهؤلاء الذين تم التحفظ علي أموالهم ومنعهم من السفر كجزء من مؤامرة الالتفاف علي ثورة الشعب المصري. جزء من خطة اعتقد من وضعها أنها قادرة علي تبييض وجه الفساد الأسود الغارق بدماء شهداء ثورة الشعب المصري، وشهداء العبارة وشهداء الطرق، وشهداء الأطعمة المسرطنة وشهداء البيوت المنهارة وشهداء اغتيال الأمل في المستقبل. قال الشعب كلمته «الشعب يريد إسقاط النظام» والنظام متمسك بالبقاء وعصابة الفساد مازالت تحاول وقد صدق المثل الشعبي الذي لم أصدقه يوما ولم أختبر صدقه في حياتي يوما إلا الآن وهو «إن جالك الطوفان حط ولدك تحت رجليك». وجاء الطوفان وقامت الثورة الشعبية مطالبة بالخبز والحرية والعدالة الاجتماعية، وتصور رؤوس الفساد أن وضع «الولد» وبعض الخدم تحت الأرجل سوف يضمن للرؤوس الكبيرة النجاه. وهم واهمون فقد عشنا ثلاثين عاما من الذل والهوان في ظل نظام الفساد والاستبداد الذي لن تفلح معه كل جراحات الترقيع التي يجريها، وهو النظام ورؤوسه الذي لم يتورع عن محاولة حرق مصر كلها حتي يبقي في الحكم، ويبدو أنه مازالت بها مليارات لم تنهب ومصالح سوف يقاتلون لحمايتها. وأقولها أنني، وبحجم حبي لمصر، كرهت هذا النظام ورجاله من قمة هرمه لأسفل قاعدته ومن حولهما من خدم وسماسرة ومحتكرين، وكم حلمت بهذا اليوم. سوف أظل أحلم بحجم الفرح الذي نعيشه بثورة شعب مصر، بخلع شجرة الفساد والاستبداد من جذورها وكم أتمني أن أعرف ما هو إحساس من ضحي بهم مبارك ليبقي هو، وما هو إحساس من يعرف أن نجاته مؤقتة. تري من يلومون الآن ولمن يحملون مسئولية سقوطهم؟ ورغم أن الخطر مازال قائما فنحن في معركة شرسة بين شعب ذاق طعم الحرية والقدرة ونظام فاسد يدافع باستماتة حتي يبقي، ورغم أن الخطر مازال قائما فإن وضع هذا النظام الفاسد والمستبد خلف قضبان هدير الثورة أروع من أن يوصف بالكلمات.