في قصة الخلق المصرية «الجبتانا» انبثق الآلهة، فكان أولهم «أتوم»، ثم ظهر الرب «تُشُو»، ثم ظهرت «نوت» ربة الندي والماء، ابنة «تفنوت» الربة السماوية، ثم ظهر «رع» Ra أو La جذر كلمة «الله».. ونلحظ التساوي في العدد بين الآلهة والإلهات.. بل إن الكون والخلق جميعا شركة بين الذكور والإناث الذين خلقهم التاسوع الإلهي، وسوي بينهم، وجعل العدالة المطلقة غايتهم. ماعِت MAAT رمز العدالة في الحضارة المصرية العريقة، صورت في هيئة امرأة رشيقة شابة، تضع ريشة فوق رأسها «واستُعمل هذا الرمز في كتابة اسمها» وكانت هذه الريشة التي تعني «ماعت» يضعها أوزير المسئول عن الحساب والميزان في كفة، وقلب الميت في الكفة الأخري «وانتقل هذا الميزان للساميات».. وتري المتون المصرية أن «ماعت» ابنة «رع».. وكان الآلهة جميعا يعتزون بماعت، ويحملون دمية تمثلها في متون الأهرام ومتون التوابيت وجداريات المعابد. كان الوزير الأول في مصر القديمة يلقب ب «رئيس كل المحاكم»، كما كان يلقب ب «كاهن ماعت» وكان يتكلم بوحي منها ويقسم باسمها كقاض، كما يقسم باسمها الشهود.. وظهرت «ماعت» معصوبة العينين أحيانا «حتي لا تفرق بين المتقاضين» وأحيانا كانت تظهر بعينين تنظران إلي «قائم الميزان» الذي تحمله بيمناها. كذلك كانت «ماعت» رمزا لقوي التساوي بين مظاهر الكون، وفقا لخطة التاسوع، فهي «النظام الأخلاقي للمصريين» كما أنها النظام الدائم لتسيير العالم: ليله ونهاره، شمسه وقمره ونجومه وحيوانه ونباته، ونسائه ورجاله، حتي يعمر الكون بالمخلوقات، وحتي لا يعلو أحد علي أحد وإلا ضاعت «الماعت» أساس التوازن في الكون. وإذا كان وزير فرعون يلقب برئيس «كافة المحاكم» كما يلقب بكاهن «ماعت».. فإن الرأي العام المصري وآراء المثقفين والقانونيين، يرون أن الحضارة المصرية، وهي أولي حضارات البشر، قد سوت بين المرأة والرجل، بل جعلت «الماعت» امرأة.. والجميع الآن يشعرون بأن ظلام الدولة الدينية لايزال يتلكأ في الأفق، ولا مستقبل إلا بالدولة المدنية، والتساوي في الحقوق الدستورية، بين الرجال والنساء.