كانت رواياته هي التعبير عن حياة الناس في واقع ملتبس فهو الرجل الذي يعيش حقيقيا ومختلفا لأنه يقسم الزمن ويحيي الأمكنة. هكذا اتفق حضور صالون نجيب محفوظ الأول الذي أقامه المجلس الأعلي للثقافة بحضور أسرة الأديب الراحل وعدد كبير من النقاد والروائيين. افتتح عماد أبوغازي - الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة - الصالون مؤكدا صدور 24 عملا نقديا لكبار النقاد عن نجيب محفوظ، وصدر العدد الثالث من دوريته التي تصدر كل عام من شهر ديسمبر «شهر ميلاده» قدم الصالون الكاتب سعيد الكفراوي والذي أكد أن محفوظ هو رجل أدب بالفعل تشكل عبارته اختصارا لمعني حياة ممهدة للأدب فكان من البداية من التقط النبرة الأولي للسرد الروائي الحديث وكان سيده من غير منازع. التحول تحدث أحمد صبري أبوالفتوح حول ردود نجيب محفوظ سنة 1970 عندما سأل عن التحول في كتاباته وانتقاله من الرواية التاريخية إلي الواقعية بأنه عندما كتب زقاق المدق: ضحك منه أصحابه في مقهي الأوبرا وقالوا له أنت تكتب بأسلوب القرن التاسع عشر وبذلك يري أبوالفتوح أن محفوظ أرسي إشكالية ظل مختلفا عليها كثير من الروائيين والنقاد ما بين الطريقة التي يكتب بها بعدما أكد أنه يكتب من واقع المجتمع الذي يريده. بينما اعتبر د. جابر عصفور في كلمته السؤال محل النقاش «هل محفوظ عقبة أمام تطور الرواية» اعتبره سؤالا «سخيفا» ولا أساس له من الصحة لأنه لا يوجد أديب - من وجهة نظره - يحجب الكتاب من بعده ولكن فضل القول بأن الأديب يحدث حالة من الترقب المستمر والتوتر، حيث كان محفوظ يحلم بأن يكتب روايات مثل طه حسين، منطلقا بأفكار سلامة موسي الذي رسم له صورة بديعة في الثلاثية، وكان كتاب «مصر القديمة» ترجمة محفوظ بتوصية من سلامة موسي كما يقول عصفور. وتطرق عصفور إلي واقعة محفوظ مع عباس محمود العقاد عندما اتهم الأخير فن الرواية بأنه فن «الدهماء» وقلة قيمته أمام الشعر ورد محفوظ عليه وهو مازال شابا في مقالة نشرتها «الرسالة القديمة» دافع فيها دفاعا موضوعيا عن الرواية مؤكدا أنها فن الزمن المقبل. المريد الأول الروائي جمال الغيطاني بدأ حديثه قائلا إنه أعاد اكتشاف الكثير عندما أعاد قراءة نجيب محفوظ واصفا إياه بالكاتب «الكوني» ودعا الغيطاني لتأمل روايات «عبث الأقدار، رادوبيس، كفاح طيبة» فمن يقرأها لا يخطر بباله أن كاتبهما هذا سيكتب الثلاثية أو غيرها، وفرق الغيطاني بين محفوظ والآخرين بأن هناك فرق بين كاتب يحكي للحكي وآخر له رؤية إنسانية يضع نفسه في مواجهة المصير والصيرورة، ويتأمل رواية «الثلاثية» وبناءها المحكم الملئ بالتفاصيل والتفاصيل البطيئة لمدة خمسة فصول نتيجة لاستقرار الأسرة والزمن مأمون الجانب، ثم تأتي الإشارة بغدر الزمن وموت فهمي تعكس رؤية محفوظ للزمن. بينما تحدث د. حسين حمودة عن عدم استخدام محفوظ لتقنيات التجربة - الأجنبية - في الرواية إلا بعدما اطمأن لاستقبال الجمهور لذلك وسرد العقبات التي واجهت تجربة محفوظ مثل عقبة المواءمة بين شكل الرواية الغربي، عقبة تكوين قاعدة للكتابة، النظرية المتعالية للفن، واقتراح التابوهات والتي بدأت مع «أولاد حارتنا»، وأضاف حمودة أن محفوظ استكشف للإبداع الروائي العربي مساحات إبداع لم تكن موجودة ودفع كتابا آخرين لاستكشاف مساحات أخري. وأعلن الروائي خيري شلبي في كلمته عن محفوظ أنه بدأ منذ ثلاثة أشهر إعادة قراءة رواياته ولكن من النهاية إلي البداية فبدأ «بأحلام فترة النقاهة» حتي عبث الأقدار واكتشف خلال ذلك لماذا يثور بعض الكتاب العاجزين كما وصفهم شلبي مؤكدين أنه كان عقبة لتطور الرواية وفسر ذلك بامتداد إشعاع الموهوب فمحفوظ لم يترك شيئا يكتبه الآخرون، مؤكدا أنه لو لم يكن في حياتنا لتأخر فن الرواية كثيرا. وتحدث د. سامي سليمان الأستاذ بآداب القاهرة عن الطرق الجديدة في كتابة محفوظ والبعد الأول عنده «الريادة» والبعد الثاني «المعاصرة» وخلال كلمته أكد الروائي يوسف القعيد أن السؤال محل الصالون سؤال مشروع ورفض أن يكون سخيفا مدللا علي ذلك برد محفوظ نفسه علي هذا السؤال فيما قبل وروي واقعة تؤكد ذلك وأن محفوظ يتعاطف مع من يكتب وقد يشبهه في كتابته ومذكرا بما كتبه رجاء النقاش في هذا الموضوع خاتما حديثا بأن الكاتب لا يمكن أن يكون عائقا أمام من يأتوا بعده لأنهم أصحاب تجربة مختلفة.