الثامنة صباحا، يستيقظ بجفنين مثقلين بالنوم من عناء يوم البارحة الطويل، وبقدمين متعبتين يخطو بحذر حتى لا يوقظ أحدا بالبيت،يغتسل ثم يرتدي ملابسه الملقاة على كرسي بالغرفة، و على عجلة يتفقد وجهه فى المرآة قبل أن يغادر حتى يلحق فعاليات يومه الوظيفي المعتاد. فالصحافة أو كما يلقبها البعض ب»صاحبة الجلالة» لم تعد فقط مهنة البحث عن المتاعب بل مهنة «المخاطر»، أو هكذا يصفها أحمد كامل، و هو مراسل لأحد المواقع الالكترونية لجريدة ورقية، حيث يرى أن مجرد القول بأنك «صحفي» هذه الأيام قد يعرضك للخطر، موضحا بعض الحوادث التي تعرض لها و عدد من زملائه حين اخبرهم عن مهمته سواء كان السائل من المواطنين أو رجال الشرطة. «الجميع يشكك فينا وأحيانا يتهموننا بالتحيز أو بالعمالة لطرف ما حين نفصح عن المكان الذي نعمل به»، أردف أحمد متابعا « المخاطر لا تتوقف على تلك المضايقات فقط بل أننا نخوض معارك يومية فى عملنا حين نقوم بتغطية المظاهرات حيث دائما ما نعلق وسط الاشتباكات بين الشرطة والاخوان». وأضاف «أننا لسنا مسجلين كصحفيين بالنقابة وحتى بعض أصدقائي المراسلين لم يستخرج الموقع الإلكتروني أو الصحيفة التي يعملون بها لهم كارنيهات تثبت عملهم فيها، الأمر الذي يعرضهم فى بعض الأحيان لمضايقات من جانب رجال الشرطة»، معقبا بأنهم يخفون هويتهم عن المحتجين حتى لا يتعرضوا ل»التنكيل». وأكد أن المراسل دائما ما يكون بالصفوف الأمامية للمظاهرات حتى يقوم باداء عمل على أكمل وجه، مشيرا إلى أنه فى السابق كان يتعين عليه كتابة الأخبار سريعا على «اللاب توب» و ارسالها للموقع و الأن يقوم بالابلاغ عن الخبر حتى يتفادى التشتيت عليه مما قد يعرضه للخطر أكثر. وحول طريقة العمل التي ينتهجها، قال إنه ينسق إما رفقة أحد زملائه بنفس الموقع أو اخرين يعملون لجرائد أو مواقع أخرى، حيث أنها وسيلة جيدة لمتابعة كل التطورات فى الحدث الذي يقومون بتغطيته فضلا عن أنهم يطمئنون على بعضهم البعض حال تتطور الاشتباكات وهو الأمر الذي يحدث دائما فى التظاهرات الاخيرة على حد تعبيره. و حول الحالة المادية ذكر أن الكثيرين ممن يعملون كمراسلين ميدانيين هم إما حديثو التخرج أو طلبة متدربون، مشددا على أنه ورغم كل المخاطر التي يتعرضون لها إلا انهم يتقاضون مرتبا قليلا بالنسبة لحجم العمل الذي يقومون به. «في بعض الاحيان فكرت فى أن اتوقف عن العمل تماما، و لكن ما هي المهنة الأخرى التي يمكن أن أقوم بها» يتابع أحمد حديثه متهكما، و يضيف «أمي فى حالة قلق دائم علي وخاصة مع تزايد أخبار مقتل و اصابة المراسلين»، «وعارف أن كل واحد نصيبه هيصيبه».. وحول الاجراءات التي أعلن عنها نقيب الصحفيين ضياء رشوان حول قيد المراسلين لتوفير الحماية لهم، قال «لا اعرف بعد ما سيتم فعله فى هذا الشأن، و لكن ما سمعته انه سيتم منح عضوية النقابة للمراسلين فضلا عن امتياز ممنوح للاعضاء، كما أنه يشترط وجود أرشيف خمس سنوات عمل للانتساب، الأمر الذي يعد مستحيلا فكما أوردت فإن غالبية المراسلين الميدانيين إما حديثو التخرج أو طلبة، فضلا عن أن البعض يعمل لموقع الكتروني لا يندرج أساسا تحت مظلة النقابة».. وفي الأخير ناشد الجرائد بعمل عقود جيدة للمراسلين والعمل على إدراجهم و تسجيلهم بالنقابة، و توفير الحماية الممكنة لهم مثلا الصديري الواقي و الخوزة التي تعطى للمراسلين فى الاشتباكات بأي منطقة بالعالم»، مختتما «والأعمار بيد الله».