ضمير المهمشين يعرف الموت كيف يصطاد فرائسه. خطف الموت النائب الصامت الزاهد الأمين محمد عبد العزيز شعبان، قبيل أن يقسم اليمين الدستورية أمام مجلس الشعب والذي ظل وفيا له خمس دورات تشريعية وطوال العمر: اقسم بالله العظيم، أن أحافظ مخلصا علي سلامة الوطن، والنظام الجمهوري، وأن أرعي مصالح الشعب، وأن احترم الدستور والقانون. لم ييأس نائب الفقراء والمهمشين، وضميرهم الحي، عندما هاجمه المرض الشرس الذي لا يرحم قويا ولا ضعيفا، خاض معركة الانتخابات ليواصل بها معاركه الممتدة في «رعاية مصالح الشعب» لنصرة المظلومين، الذين غمرت دموعهم نعشه ليعبروا عن مدي الخسارة التي مني بها كل واحد منهم منفردا . كرس محمد عبد العزيز شعبان كل جهده وكل حياته لكي يفعل شيئا مفيدا للوطن والمواطن فعاش زاهدا بسيطا متواضعا، ينثر المودة أينما حل، ويشعل شمعة علي عتبات كل ظلام حالك ويملأ نفوس المظلومين والمهمشين والفقراء أملا، أن ضوءا مؤكدا سوف يهل في نهاية النفق. يختفي عبد العزيز شعبان في كل المعارك الصغيرة، ويتعالي عليها وينفر منها، ويتصدر الصفوف في معارك الدفاع عن المصالح العامة، وعن العدالة الاجتماعية، التي أضني غيابها حياة الفقراء ومحدودي الدخل، فأقسم بالله العلي العظيم، أن يكون صوتا لهم داخل البرلمان وخارجه، وظل يفعل ذلك حتي اللحظات الأخيرة ، وهو يصارع الموت ليقدم مثالا للسياسي ونائب الشعب، الذي يندر أن نجد إلا القليل لمن يشبهونه. كان جريئا في قول الحق، جسورا في الدفاع عنه، دمثا في حوار الاختلاف، حييا خجولا أمام كلمات الثناء، وظل حتي اللحظات الأخيرة شعلة مضيئة وسط الخراب والفساد السائدين، يسعي بوسائله الخاصة، كي ينقذ حياة مريض، أو يوظف شابا، أو يشق طريقا، أو يرمم بيتا، أويوقظ همم القانطين واليائسين والهاربين من المعارك الكبري إلي المعارك الصغري. عرف الموت كيف يطعن اليسار في مقتل، فأسدل الستار علي حياة سوف تبقي مثلا في الممارسة والسلوك لكل من يواجهون القبح بالجمال والاستقامة والثبات علي المبدأ.