نصت دساتير العالم على حقوق واضحة وأساسية تخص المواطن من أجل توفير حياة كريمة وإنسانية له تجعله يدين بالولاء لبلده وبالتالى يعطى بكل ما أوتى من جهد وإخلاص لصالح وطنه، ولكن تظل تلك الحقوق حبرا على ورق وتتحول لمجرد شعارات تكشف عن الوجه الآخر لحكومات عاجزة وربما تتعمد بعضها إبقاء الحال على ما هو عليه لتزداد معاناة الفقراء وغضبهم لتستمر حالة الاحتقان والتى تهدد بالطبع عملية الاستقرار. ساعات طويلة قضتها «الأهالي» بقرية «القبيبة» مركز فرشوط محافظة قنا، رأينا خليطا بين الحياة والموت! إنه إهدار حقيقى لكرامة الإنسان، بعد لقاء المواطنين هناك والخروج من قرية «الموت» حيث الكثير من الجرائم التى ترتكب بحق هؤلاء الفقراء الذين لا يحلمون إلا بالعيش الكريم وأن تتوقف الدولة عن إهانتهم وإذلالهم ويكفيهم ما تعرضوا له على مدار سنوات طويلة! المياه غير صالحة! يقول طارق فريد إمام «عامل بالأوقاف»: لقد توقف مشروع الصرف الصحى بالقرية منذ سنوات بسبب تهالك شبكة الصرف فنتج عن ذلك اختلاط المياه ببعضها، وقد أثبتت التحاليل والعينات الصادرة من معامل وزارة الصحة أن المياه بالقرية غير صالحة للاستخدام الآدمى لتلوثها وخطورتها على الإنسان والحيوان أيضا! ويضيف «طارق»: القرية ترقد على بركة مياه لارتفاع منسوب المياه بها على بعد متر واحد فقط من سطح الأرض! وأن المياه لا تصلنا إلا لمدة نصف ساعة فقط فجر كل يوم رغم أن هناك حلولا كثيرة منها أن قريتنا تبعد عن قرية «بهجورة» 500 متر فقط ويمكن التوصيل منها ولو بشكل مؤقت ولكن عندما عرضنا المشكلة والحل على محافظ قنا أكد لنا أن شركة المياه والمسئولين بنجع حمادى رفضوا ذلك لتستمر أزمتنا فى الحصول على كوب مياه نظيف مما يضطرنا إلى شرائها بالجراكن من المدينة! المدرسة آيلة للسقوط! يقول نورالدين محمود على «موظف بالتربية والتعليم»: يوجد بالقرية مدرسة للتعليم الأساسي، مؤجرة للتربية والتعليم من ورثة «عبدالفتاح محمد إسماعيل» وذلك منذ عام 1940، وهى على مساحة عشرة قراريط، تم بناء أربعة منها كفصول بالطوب اللبن والطين وأسقف من جريد النخل، والمساحة الأخرى تم بناء تسعة فصول عليها يتم استخدامها كمكاتب ومعامل! ويضيف «نورالدين»: لقد صدر قرار إزالة لهذه المدرسة لأنها آيلة للسقوط منذ 15 عاما وجاء فى معظم التقارير أنها تشكل خطورة بالغة على حياة التلاميذ. ويقول كارم محمود علي: المبنى الخاص بالوحدة الصحية لا يرضى أحد، فهو متهالك وآيل للسقوط منذ زمن! فهى شبه مغلقة لعدم وجود أى إمكانات طبية تذكر! ويضيف «كارم»: طبيب الوحدة منتدب، ولا يتواجد بالوحدة إلا عدة ساعات فى الأسبوع ولذلك يقوم بدعوة المرضى لزيارة عيادته الخاصة لتوقيع الكشف الطبى عليهم مما يزيد من معاناتهم الصحية والمادية! كما أن الوحدة لا يوجد بها «مصل العقرب» نهائيا رغم تعرض أهالى القرية للدغة العقرب بصورة يومية مما يدفعهم للذهاب إلى مستشفى فرشوط العام! ويؤكد «كارم»: جميع المسئولين بالمحافظة ومديرية الصحة يعلمون حجم المشكلات الصحية التى نواجهها لكنهم يتجاهلونها! دموع أصحاب المعاشات! يقول سيد عبدالصبور «مسئول بإحدي الجمعيات الأهلية»: فى قريتنا لا تتوقف دموع الأرامل وكبار السن من الرجال والنساء خاصة فى اليوم الذى يذهبون فيه إلى قرية «العسيرات» والتى تبعد حوالى خمسة كيلومترات عن «القبيبة» لمجرد الحصول على مبلغ 185 جنيها معاش الضمان الاجتماعى الهزيل! ويضيف «سيد»: رغم أنه تم الاتفاق على تخصيص مكتب فى مبنى «دار شروق» فى القرية وتم تخصيصه لإنشاء وحدة شئون اجتماعية وقمنا بتقديم كل الأوراق وتنفيذ جميع الشروط المطلوبة لكن الأمر مازال متوقفا فقط على موافقة محافظ قنا والذى لا نرى أى مبرر فى تجاهله لكبار السن والمرضى من أصحاب «ملاليم» الضمان الاجتماعي! مركز الشباب حبر على ورق! يقول مرتضى حمدى كامل: لدينا غرفة وأمامها مساحة فضاء لا تتعدى الخمسة أمتار المربعة، يسمى «زورا» مركزا للشباب! محاط بالعنكبوت والأتربة من كل اتجاه، ويعشش بداخلها الإهمال والفساد على يد مجلس إدارة عقيم منذ سنوات طويلة! ويضيف «مرتضي»: القرية بها طاقات شبابية كبيرة وكثيرة لكن معظمهم هاجر إلى بعض المدن والمحافظات الأخرى وحصل على العديد من البطولات فى مختلف الألعاب الرياضية لرفض مجلس إدارة مركز شباب «القبيبة» إقامة أى أنشطة إلا على الورق للحصول فقط على الميزانية السنوية وإهدارها بعلم كل المسئولين بالإدارة ومديرية الشباب بقنا! الحق فى السكن ضائع! يقول أحمد عبدالواحد محمد: أزمة السكن تتفاقم فى ظل الزيادة السكانية الحالية والمستقبلية، وهناك حلول لا يلتفت إليها المسئولون، حيث يوجد بمحافظة قنا عامة ومركز فرشوط خاصة ظهير صحراوى ممتد يستوعب آلاف السكان إذا ما تم إنشاء مجتمع عمرانى بتلك المساحات غير المستغلة رغم أنها متاخمة للكتلة السكانية مما يسهل من إنجاح الفكرة، ويضيف «أحمد»: التعدى على الرقعة الزراعية يضر بالجميع لكن الدولة تساهم فى هذا التعدى بتجاهل تقديم حلول منذ سنوات بتوفير البديل للحفاظ على مساحتنا الزراعية، والشباب على استعداد للتوجه إلى الصحراء ليس فقط للسكن ولكن للعمل أيضا. يقول عبدالحفيظ محمد الصغير «عمدة القرية»: المشاكل فى قريتنا لا حصر لها! ونأمل فى نظرة المسئولين لهؤلاء الفقراء الذين يموتون بعد انتشار مرض الكبد فى القرية نتيجة تلوث المياه وغيرها! ويضيف «العمدة»: الكوبرى هو المدخل الرئيسى للقرية وتم إنشاؤه من عشرات السنين، وقد تعرض للهبوط وهو الآن آيل للسقوط ويعرض الجميع للخطر ولم نتلق من المسئولين سوى الوعود التى لا يتم تنفيذها! كذلك الطرق غير مرصوفة ومحول الكهرباء قديم والأسلاك متهالكة ونعيش معظم الوقت فى الظلام لانقطاع التيار الكهربائى رغم قيام شركة الكهرباء بتحصيل فواتير شهرية وبمبالغ كبيرة وغير واقعية!