تحولت البورصة المصرية إلي مضمار للمضاربة السريعة علي الأسهم، فيما يشبه صالات القمار، كما تحولت إلي مخزن للمدخرات بعد انخفاض اسعار الفائدة علي الودائع في البنوك، بدلا من الاتجاه إلي الاستثمار الانتاجي الحقيقي ، بما يعود بالفائدة علي الاقتصاد المصري. فالهدف من إنشاء البورصات أو أسواق المال اعتبارها وسيطا لنقل المدخرات لمن لا يملكون فرصا استثمارية ولديهم فائض في المدخرات إلي المبادرين الذين يمتلكون أفكارا استثمارية أو إلي الشركات التي تواجه نقصا في المدخرات. ورغم أن سوق المال أو البورصة يعد أحد مؤشرات الاقتصاد، غير أن الوضع في مصر وما تشهده من مضاربات حادة، لا يعكس واقع الاقتصاد، بل في أغلب الأحيان تكون عبئا علي الاقتصاد، خاصة في ظل خروج الأموال الساخنة من السوق، مع أي اضطرابات تحدث في الدولة. وللحد من المضاربة السريعة داخل البورصة، والتي قد تكون في بعض الأحيان مضاربة لحظية، خاصة في الأسهم الخطرة، ومع العلم أن أكثر من 90% من تعاملات البورصة المصرية قائمة علي المضاربة، وليس الاستثمار طويل، أو متوسط الأجل، فإن خبراء الاقتصاد اقترحوا فرض ضريبة علي الارباح الناتجة عن تعاملات الأفراد والمؤسسات في الأسهم، كضريبة سنوية من مجمل الأرباح، تتراوح ما بين 5 إلي 10%، باعتبار أنه لا ربح دون ضريبة. هذه الضريبة فرضت نقاشا حادا ما بين مؤيد ومعارض، لكن مصر تحتاج إلي مزيد من الأموال لتحقيق التنمية الاقتصادية ، فالضريبة لو تم تطبيقها بحزم وحرفية ستوفر أموالا كثيرة يمكن استخدامها في سداد عجز الموازنة العامة للدولة وتسهم في إعادة توزيع الدخل. الأموال الساخنة هذه الضريبة ستعمل علي الحد من المضاربة السريعة علي الأسهم داخل صالات سوق الأوراق المالية، كما ستساعد علي تحجيم الأموال الساخنة المضاربة في السوق، والتي لا تفيد الاقتصاد، بل علي العكس تضره، وهي ضريبة مطبقة في بعض الدول الرأسمالية.. وبتبسيط هذه الضريبة، فنشير إلي ما يحدث في سوق الأوراق المالية، وكيفية تطبيق الضريبة عليه، فيوجد في البورصة ما يسمي بالطرح الأولي للأسهم، وهو طرح الأسهم للشركة بعد الاكتتاب العام، وفي هذه الحالة يتم رفع الحد الأقصي المسموح له لسعر الاسهم لعدة أيام، ويرتفع سعر السهم في هذه الحالة ما بين 300 إلي 500% ، وهي نسبة عالية من الارباح تتحقق بالمضاربة دون أي مجهود في فترة زمنية قصيرة. والحالة الثانية، الدخول والخروج في سهم من أسهم الشركات المطروحة في سوق الأوراق المالية، ربما لحظيا أو في نفس اليوم أو خلال فترة قصيرة، وقد يصاحب هذه المضاربة مكاسب أو خسائر للشخص المضارب. أما الحالة الثالثة، فهي الاستمرار طويل أو متوسط الأجل لمدة عام أو أكثر ، أي شراء أسهم شركة من الشركات والاحتفاظ بهذا السهم لمدة طويلة للحصول علي توزيعات للشركة والارباح ، وفي نهاية المدة يكون سعر السهم شهد انخفاضا او ارتفاعا أيضا. وهذه الضريبة المقترحة لن تؤثر علي سوق الأوراق المالية كما يدعي البعض، خاصة للمستثمرين الأجانب. المستثمر المحلي ففي الولاياتالمتحدةالأمريكية يدفع الشخص أو المؤسسة ارباحا رأسمالية، سواء كانت هذه الأرباح تحققت داخل أو خارج الولاياتالمتحدة، وعندما يدفع جزء من هذه الأرباح في شكل ضريبة في مصر، تخصم من وعائه الضريبي، وفقا لاتفاقية منع الازدواج الضريبي الموقعة بين مصر والعديد من الدول. أما في الاتحاد الأوروبي، فيتضمن ما تدفعه هذه الشركات في ميزانية الشركة ككل أو الفرد، ويتم حساب الضريبة عليه. أما المستثمر العربي، من الدول الخليجية، فهو سيتأثر بهذه الضريبة، لانخفاض الضريبة في الدول العربية أو عدم وجودها أي أن سعر الضريبة صفر، كما في الإمارات. فالضريبة علي أرباح التداول علي الأسهم في سوق الأوراق المالية أساسا للمستثمر المحلي الذي يمثل من 60 إلي 70% من حجم التداولات في سوق الأوراق المالية المصرية.. ويشير عبد الحميد عطا، خبير الضرائب المعروف، في مقال نشر بالأهالي، حول هذه الضريبة وكيفية تطبيقها إلي أن هذه الضريبة سنوية، وليست علي كل عملية بيع تحقق ربحا فالاحتمال أن تحقق العملية التالية خسارة، وبالتالي فالضريبة علي صافي الأرباح المتحققة وهي ضريبة سنوية، وهو ما يصلح أن يكون وعاء للضريبة. ونظرا لصعوبة تطبيقها، فيقترح عبد الحميد عطا حلين لا ثالث لهما، فإذا كان سعر الضريبة المعقول 5% أو اكثر، يكتفي بسعر 1% يخصم مع الفاتورة التي تسلمها شركة الأوراق المالية للعميل من إجمالي الفاتورة التي تحقق ربحا، ولا تخصم هذه النسبة حال الخسارة.. ويكون من حق العميل أن يقدم إقرارا ضريبيا بمجمل أرباحه وخسائره ، وتحسب الضريبة عندئذ بسعر 10% أو 5% من الأرباح الصافية، ويخصم ما سبق أن خصم منه من ضرائب رأسمالية طبقا لفواتير الأرباح التي حققها، والتي تسلم له من شركة الأوراق المالية، علي أن تطبق جميع العقوبات الضريبية المنصوص عليها في القانون 91 لسنة 2005 إذا قام باخفاء أرباحه، كما يستفيد عندئذ بأحكام ترحيل الخسائر المنصوص عليها في القانون.. علي أن يشدد العقاب علي شركة الأوراق المالية التي لم تقم بتوريد ما خصمته من العميل لمصلحة الضرائب التي تفتح له ملفا ضريبيا.