اعتقد أنه يريد إبعاد الوجوه القديمة التي كانت تتمتع بقدر من الندية، واستبدالهم بوجوه شابة يسهل السيطرة عليها لتكريس سلطته! بالكلمات السابقة، وصف أحد القيادات الشابة فى حزب المؤتمر الوطني الحاكم فى السودان التعديلات اللافتة للنظر التي أجراها الرئيس السوداني «عمر البشير» مؤخرا فى حكومته، وأتت بوزراء جدد غير مشهود لهم بأي تجربة أو خبرة، وانتهت بالاطاحة باثنين من أقرب نوابه هما «علي عثمان محمد طه» و»الحاج آدم ومساعده «نافع علي نافع» وثلاثتهم من قادة انقلاب يونيو عام 1989، وزعماء الانشقاق علي زعيم الانقلاب ومنظره، ومفكر الحركة الإسلامية السودانية الدكتور حسن الترابي فى عام 1999، الذي خرج من عباءة الانقاذ وتمرد علي قيادة البشير ليشكل حزب المؤتمر الشعبي المعارض وينضم لتحالف المعارضة السودانية، التي تطالب بإسقاط نظامه. التعديلات التي أجراها «البشير» تعزز سيطرة الجيش علي حكومته بعد أن تم علي امتداد نحو 24 عاما أخونة مؤسساته وأفرعه المختلفة، وهي قفزة فى المجهول، تستبق الاستحقاق الرئاسي فى عام 2015 بازاحة المنافسين من جهة، والتحكم فيمن يجري تقديمه لخوض هذه الانتخابات من جهة أخري، إذا ما قرر «البشير» عدم الترشح فضلا عن أنها خطوة ترحل مشاكل وأزمات السودان الاقتصادية والسياسية والحروب الأهلية التي لم تخمد فى نحو سبع ولايات، إلي مستقبل مجهول، فضلا عن عزلة البلاد الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية، وإشغال الساحة السياسية بتغييرات وهمية فى النظام القائم، التي تتفق معظم حركات وأحزاب المعارضة علي أن المخرج الوحيد لتعافى السودان من أزماته، هو اسقاطه. الذرائع التي يسوقها نظام البشير، لتبرير ازاحة الحرس القديم من شركائه فى نظام الانقاذ، بأنهم تقدموا باستقالات طوعية، لإتاحة الفرصة للشباب، تبدو شديدة الضعف ولا تخيل علي أحد. والأغلب الأعم أن «البشير» قد تخلص من منافسين أقوياء، قبل إقدامهم علي خطوة مماثلة باطاحته هو شخصيا لتجديد بقاء نظام الانقاذ فى السلطة، بإزاحة رأس الدولة المحاصر بملاحقة المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم ضد الإنسانية. وهذا هو المعني الذي يمكن استخلاصه من تعيين شريكه فى انقلاب الانقاذ، وصديقه المقرب الحميم الفريق «بكري حسن صالح» نائبا أول له، وربما إعداده كي يخلفه فى الرئاسة. تعديلات شكلية، تبقي السودان نموذجا لدولة فقيرة فاشلة تعاني من ويلات الفقر والأوبئة والحروب الأهلية التي تهدد بمزيد من تفككها، بفعل نظام لا يتعلم من تجاربه ولا من تجارب الآخرين، ويظن أن رفع قادته عمامة اسلامية سوف يحميه من السقوط! كان غيركم أشطر!