سمها " الغطرشة " أو إن شئت " الطرمخة " و هى ظاهرة ابتليت بها مصر بعد أن أصبح القانون يتيما رغم وجود والديه على قيد الحياة . و" الغطرشة " بلغة القانون هى ترك بعض الجرائم بلا عقاب مما يشجع المنحرفين على الاستهتار بالقوانين والتمادى فى مخالفاتهم و جرائمهم و يشجع الآخرين على تقليدهم . وقد تنبهت بعض المنظمات الدولية لخطورة هذه الظاهرة و تفشيها فى البلاد التى تعانى من حكم أنظمة استبدادية فدشنت حملة "اليوم العالمى لمحاربة الإفلات من العقاب" فى 23 نوفمبر ، الذى يصادف الذكرى السنوية لمجزرة "امباتوان" التى حدثت فى الفليبين عام 2009 ، وقتل 58 شخصا – بينهم 32 صحفيا وإعلاميا – و لم تجر محاكمة أي من الجناة حتى اليوم . بسبب "الغطرشة" فقدت مصر مئات الآلاف من أخصب أراضيها الزراعية و مليارات الجنيهات من أموال الشعب ، و استشرت جرائم كثيرة مثل البلطجة و قطع الطرق و التهجير القسرى و نهب أموال المواطنين المسيحيين ..الخ . المصيبة أننا لم نبرأ من هذا الداء اللعين بعد ثورة 25 يناير و ارتُكبت أخطاء فادحة عطلت مسيرة الثورة و أوشكت أن تعيدها الى الخلف . لم يحاسب الذين" غطرشوا " على إنشاء أحزاب طائفية (سُنية ) بالمخالفة للدستور الذى يمنع قيام أحزاب دينية ، و اعتداء على مبدأ المساواة بين كل المواطنين من كل ملة و طائفة . و تم تأُسيس حزب" الحرية والعدالة " كذراع سياسية لجماعة غير شرعية لا تحترم قوانين البلاد و ترفض أن تخضع لإشراف وزارة التضامن الاجتماعى . " غطرشت " عليها حكومات ماقبل الثورة و اطلقت عليها اسم دلع " المحظورة " و تركتها تنمو و تستفحل ، و بدلا من أن تسارع حكومات ما بعد الثورة بحلها " غطرشت " هى الأخرى وتركتها تنشىء حزبا و ترشح رئيسا للبلاد ، رغم إعلانها مرارا و تكرارا أنها لا تعترف بشىء إسمه الديمقراطية أو حكم الشعب أى أنهم أعطوا القط مفتاح الكرار ..! بسبب داء " الغطرشة " لم يحاسب السجين السابق محمد مرسى على فراره بمساعدة حماس من سجن وادى النطرون ، و قبلت لجنة الانتخابات أوراق ترشيحه ! لم تحترم الجماعة التى رشحته قانون الانتخابات و ارتكبت العديد من المخالفات ، ففاز مرشح الجماعة و تم اعلانه رئيسا للبلاد ! و تواصل مسلسل "الغطرشة " فترك الرئيس جماعته تمارس السيطرة على مفاصل الدولة و تعين أتباعها و محاسيبها فى كل مناصب صنع القرار ، و من بينهم مسجلون خطر..!ثم أصدر إعلانا دستوريا يجعله حاكما لا يرد له قرار و لا تعصى له أوامر ..! نزل ملايين المصريين الى الشوارع فى كل أنحاء مصر فى 30 يونيو الماضى ليعلنوا رفضهم لحكم الإخوان . و لكن الجماعة غير الشرعية تعامت عن الأمر الواقع و ارتكبت ومازالت ترتكب جرائم التخريب و الحرق و التدمير فى كل أنحاء البلاد . إن تكرار الإفلات من الحساب والعقاب قد تسبب فى تفشى حالة غير مسبوقة من البجاحة لدى المنحرفين جعلتهم يرتكبون جرائم تسىء اليهم أكثر من غيرهم كما فعل طلاب الإخوان الذين خربوا المبنى الادارى لجامعتهم يوم 29 اكتوبر الماضى ، فدمروا سمعة أعرق و أكبر جامعة اسلامية ، و سجلت كاميرات العالم مشهد الطالبات و هن يهتفن ضد جيش و شرطة بلادهن بطريقة عوالم شارع محمد على زمان ..!! و يادكتور ببلاوى اذا لم تتخذ اجراءات فورية لإنهاء كارثة التراخى فى محاسبة المجرمين ستتحول مصر الى غابة يسكنها الوحوش ، الكبير يأكل الصغيرو القوى يعتدى على الضعيف . إثبات جدية الحكومة فى محاربة الفساد يجب أن يبدأ بإنهاء " الغطرشة " على وجود حزب الحرية والعدالة ( الذراع السياسية للإخوان المسلمين ) ، و محاسبة قياداته على الجرائم التى ارتكبها أعضاؤه ، بدلا من تركه يرتكب الجرائم ضد الدولة و الشعب بتدبير وتمويل من أعداء البلاد دون أن يحاسب أو يعاقب ..؟!!