نشرت الصحف المصرية يوم 14/6 خبرا عن عقد الدكتور إبراهيم غنيم وزير التربية والتعليم اجتماعا سريا ضم عددا من جماعة الإخوان المسلمين لدراسة تحويل الثانوية العامة إلي سنة نقل عادية، وإلغاء مكتب التنسيق المركزي للجامعات، وقبول الطلاب في الكلية التي يرغبون الالتحاق بها دون شرط المجموع، وفق اختبارات داخلية لكل كلية علي حدة، فما الأسباب التي دعت الوزير الإخواني وجماعته للتفكير في إلغاء شهادة الثانوية العامة؟، وما الهدف من هذا الإلغاء ولمصلحة من؟ وهل لو تم يؤدي إلي تطوير المنظومة التعليمية ويحل مشاكلها أم يودي إلي تدميرها؟ وما أثر هذا الإلغاء علي مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية؟ الدكتور كمال نجيب – الأستاذ بكلية التربية جامعة الإسكندرية – يقول: هذا الكلام استمرار لنظام الإدارة التسلطي القمعي الفردي، واستمرار لكل أوضاع الفوضي في تسيير البلاد بمنطق الذهنية المنفردة، لأن أي قرار مستقبلي يخص رؤية واستراتيجية مستقبلية لقطاع كبير من المجتمع أي التعليم ويتخذ القرار بشكل فردي بعيدا عن أصحاب المصلحة، وبدون الاستعانة بالخبراء والتربويين فهذا خلل كبير، ويتساءل نجيب هل عندما يقرر الوزير تطوير التعليم يجتمع بأعضاء جماعة الإخوان المسلمين أم بخبراء التعليم؟، هذا الكلام مجرد خزعبلات وليس له أي معني سوي تحطيم التعليم، ولن يمر هذا المشروع المزعوم مرور الكرام وسوف يواجه معارضة شديدة من أساتذة التربية والخبراء والمجتمع، ما يحدث من حكومة الإخوان هو تدمير لتراث تربوي حضاري أصيل. إلغاء مبدأ تكافؤ الفرص ويضيف نجيب أن قبول الطلاب في الجامعات وفق اختبارات القدرات في كل كلية علي حدة، لهو الطامة الكبري، لأن ذلك يفتح باب الرشاوي والفساد والدروس الخصوصية، إلغاء مكتب التنسيق معناه إلغاء مبدأ تكافؤ الفرص، لأن مكتب التنسيق هو الحصن الوحيد الباقي لتحقيق العدالة في مجال التعليم، وإلغاءه معناه حرمان الفقراء من فرص متكافئة في الحصول علي التعليم، ومن الغريب حقا أن يعقد الوزير اجتماعا سريا مع جماعة الإخوان المسلمين، وهل هم المنوط بهم تطوير التعليم، للأسف هم يحلمون وواهمون ويحاولون السيطرة علي عقل الأمة، الإخوان يعالجون الأمور بتخبط ودون أي ذرة ذكاء وبشكل عشوائي، مثل اختياراتهم للمحافظين، فمثلا محافظ الأقصر من حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، وهذا المحافظ حكم عليه بالسجن لمدة عام كما جاء علي لسان المحافظ نفسه.. إلخ من القرارات العشوائية غير المدروسة، والتي يرفضها الشعب المصري، وحكومة الإخوان لن تستطيع تطبيق هذه المشاريع لأن الشعب المصري صاحب تراث حضاري وتربوي تعليمي عظيم. إلغاء مكتب التنسيق كارثة يشير د. نجيب إلي أن تحويل الثانوية العامة إلي سنة نقل عادي ليس له أي معني غير أن حكومة الإخوان تبحث عن توفير لميزانية الدولة بإلغاء الامتحانات وإلغاء مجانية التعليم، فالمجانية تم الالتفاف عليها في الجامعات بالأقسام المميزة واللغات وبالدروس الخصوصية في المدارس، وكان هناك شيء وحيد باقي للعدالة هو مكتب التسنيق، وإلغاؤه سيتم تحويل المرحلة الثانوية إلي عملية خصخصة للتعليم، وعلي كل طالب حسب قدرته المالية أن يدخل جامعة خاصة، أو ينجح في امتحان القدرات سواء بالدروس أو المحسوبية، أو أن يذهب إلي سوق العمل الذي دمره الإخوان أو إلي سوق البطالة، قرارات حكومة الإخوان العشوائية ليس لها إلا هدف واحد هو تفكيك منظومة التعليم وتدميره وخصخصته لصالح من يملكون الثروة والنفوذ وتنفيذا للأجندة الدولية بخصخصة الخدمات، وكان الأجدي بسيادة الوزير البحث والمطالبة بزيادة مخصصات التعليم لكي نستطيع إحداث نهضة تعليمية حقيقية، ولكن للأسف قرارات وهمية وصرف الانتباه عما يحدث من محاولة أخونة كل مؤسسات الدولة وعلي رأسها التعليم، وكذلك صرف الانتباه عما سيحدث يوم 30/6، فهم في حالة رعب من ثورة الشعب عليهم، هذا الهراء لن يمر، فالتعليم هو الأمل لبناء الأمة وهو صناعة للقوي البشرية القادرة علي تقدم الوطن، وليس هناك أمل في الخلاص من هذه الإدارة السيئة إلا بتغيير سياسي يخرجنا من هذه الغمة. عشوائية وتخبط الدكتور محمد السكران – الأستاذ بكلية التربية جامعة الفيوم – يقول: لأول مرة في تاريخ الثانوية العامة منذ ميلادها عام 1887 يحدث لها ما يحدث من خلل في الوقت الحاضر، نعم حدث تغيرات وتطورات منذ نشأتها وحتي اليوم، لكن لم يحدث لها مثل ما يحدث في عهد الإخوان، يعملون علي إلغاء شهادة الثانوية واعتبارها سنة نقل عادي وعدم اتخاذها معيارا للقبول بالجامعات، حكومة الإخوان طرحت منذ مدة قليلة نظاما للثانوية العامة يعتبرها شهادة منتهية مؤهلة لسوق العمل ومن يرغب بالالتحاق بالجامعة عليه خوض اختبار آخر مرتين في العام، وأن شهادة الثانوية صالحة لمدة خمس سنوات إلخ، هذا المشروع الذي لم يتم إقراره حتي الآن، ثم نفاجأ باجتماع سري بين الوزير وجماعته لمناقشة مشروع آخر، واعتبار الثانوية سنة نقل عادية ومن يرغب في دخول لجامعة علية خوض اختبار في الكلية التي يرغب الالتحاق بها، ويتساءل د. سكران ما هي معايير امتحان القدرات، وما هي القدرات التي سيحددها المجلس الأعلي للجامعات لهذه الامتحانات، وهل تم إعداد الطالب منذ مراحله الأولي علي هذه القدرات سواء بالمناهج أو طرق التدريس أو الأنشطة، فكيف نطبقها عليه في الثانوية العامة وهو لم يؤهل لها. ومن المعروف بداهة أن الثانوية العامة تعد الطلاب للالتحاق بالجامعات، وليس من وظيفتها ما يؤهل لسوق العمل، الطامة الكبري والهدف الحقيقي هو التخفف من عبء الإنفاق علي التعليم، كل دول العالم حتي أعتي الدول الرأسمالية تنفق علي التعليم، أما أن هذا النظام سيحد من الدروس الخصوصية فهم واهمون، لأن هذه الظاهرة بسبب خلل في أساسيات التعليم، لأنه لا توجد عندنا مدرسة بالمعني الحقيقي تقوم بدورها التربوي والتعليمي، فمدارسنا خاوية من الطلاب لصالح مراكز الدروس الخصوصية. لتشجيع الجامعات الخاصة ويؤكد د. السكران أن ما يحدث من اختراع نظم للثانوية العامة هو كارثة بكل المقاييس، وهذه النظم التي يخترعونها ليس لها مثيل في العالم، لأنه عند وضع أي نظام جديد تمهد له التربة بالدراسة المتأنية، أما هذه النظم الكارثية فهي لتشجيع الجامعات الخاصة، ومحاولة للاختراقات الأيديولوجية للإخوان المسلمين، التعليم يعاني من وضع كارثي فكيف يمكن وضع نظام في ظل غياب الاستقرار المجتمعي، هل نحن نخطط لإنشاء سوبر ماركت أو محل بقالة؟، وليس مستقبل مصر، وكيف يحدد الوزير مصير ملايين الطلاب منفردا، إلا إذا كان هدف الإخوان الوحيد هو رفع يد الدولة عن تعليم الفقراء لصالح الجامعات الخاصة، دون النظر إلي أي أهداف أو رؤي مستقبلية لتطوير التعليم، أقول لهم مصر صاحبة أعظم تجربة حضارية في التعليم، فأيها العابثون ابتعدوا عن التعليم فلن يسمح لكم الشعب المصري بالتلاعب بعقل ومستقبل الوطن، ولن تستطيعوا تنفيذ مخططكم لهدمه فمصر بلد الحضارة والتاريخ. رأي خبراء التربية أولاً حنان محمود موجه بالتعليم الثانوي تري أنه نظام جيد ولكن قبل تطبيقه لابد من طرحه علي المجتمع وخبراء التربية، وقبل كل ذلك لابد من تغيير جوهري في منظومة التعليم منذ مراحله الأولي من حيث المناهج وطرق التدريس وإعداد المعلم، وكذلك المدرسة لتكون حاضنة للتطوير بتقليل الكثافة في الفصول، وإمداد المدرسة بكل وسائل التطوير الحديثة، وقبل كل ذلك مراعاة الوضع المادي للمعلم، لأنه في الحقيقة يتخرج أولادنا في المدارس الحكومية دون إجادة القراءة والكتابة هذا إذا كان الهدف هو التطوير بالفعل وليس التخفف من عبء الإنفاق علي الفقراء، وفي كل الأحوال كان لابد من التعرف علي رأي خبراء التربية أولا قبل الدخول في تطبيق مثل هذه الفكرة حتي لا تؤدي إلي تدمير العملية التعليمية كلها.