الطفل المصري مازال يعاني من انتقاص لحقوقه، في الحياة حيث يتعرض للتعذيب والضرب والإهانه والحبس والإحتجاز في معسكرات الأمن المركزي ، نتيجة الزج به في كل الأحداث السياسية التي مرت بها البلاد من محاولات سطو علي المتحف المصري أوائل الثورة، ثم حريق المجمع العلمي قبل عام، مرورا بمحمد محمود وصولا إلي احداث الاتحادية الاخيرة ظنا منهم أنهم سيحصلون علي طعام أو مأوي دافيء ،حيث ذكرت شبكة الجمعيات العاملة مع أطفال الشارع والائتلاف المصري لحقوق الطفل والحملة الشعبية لحماية الطفل الي تعرض القصر وأطفال الشارع لحملة اعتقالات علي خلفية أحداث الذكري الثانية للثورة طالت أكثر من 140 قاصرا تلتها حملة اعتقالات أكثر شراسة ضد أطفال الشارع طالت ما يزيد علي 340 طفلا فيما يعد اكبر حملة اعتقال واسعة بالتزامن مع اليوم القومي لأطفال الشوارع الذي نحتفل به في 23 فبراير ،الأمر الذي أدي إلي خلق مواطن رافض للمجتمع ولديه قابلية لإرتكاب الجريمة وتنامي العديد من الظواهر الاجتماعية والثقافية السلبية التي ينتهك فيها حقوق أطفالنا في الحماية ، والتعليم والعلاج. تقول الدكتورة عزة كريم ” أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ” الأطفال الذين يشاركون في أحداث العنف إلي نوعين ، النوع الأول هم أطفال الشوارع، ولابد من أن تتوقف عملية استغلالهم سياسيا وإبعادهم عن الشارع وإبقائهم في مؤسسات إصلاحية لحمايتهم ،مشيرة إلي ضرورة ان تكون هذه المؤسسات مزودة بخبراء ومتخصصين لإعادة تأهيل الطفل واندماجه في المجتمع بشكل سوي وألا تمارس عليه هذه المؤسسات قيودا حتي لا يهرب للشارع ويعاد استخدامه سياسياً مرة اخري ويتم تعرضه للضرب والإهانة والحبس ،مؤكدة علي ضرورة تعامل رجال الشرطة وجهات التحقيق مع الأطفال بشكل لائق بما يتفق مع قانون الطفل وحقوق الإنسان ، أما النوع الثاني هم أطفال لهم أسر وشاركوا في الأحداث وفي هذه الحالة لابد من احتجاز الطفل والاتصال بأسرته لاستلامه ، وأشار احمد مصيلحي ” الناشط الحقوقي والمستشار القانوني للائتلاف المصري لحقوق الطفل ” إلي ان هناك حالة من مخالفة القانون وعدم تطبيقه موضحاً ان قانون رقم 12 لسنة 1996 المعدل بقانون 126 لسنة 2008 الخاص بحماية الطفل،المادة 119 منه تنص علي الا يجوز حبس الطفل احتياطياً ولكن ما حدث هو حبس 30 طفلا تقريبا احتياطياً ،ايضاً المادة 112 من ذات القانون تنص علي ألا يجوز احتجاز الطفل مع بالغين ولكن ماحدث هو احتجاز 125 طفلا مع حوالي 400 بالغ خلال احداث الذكري الثانية لثورة 25 يناير في معسكرات الامن المركزي بالجبل الاحمر والسلام وطرة. تابع قائلاً “إن قانون الإجراءات الجنائية ينص علي أن أي متهم يتم القبض عليه يتم عرضه علي النيابة خلال 24 ساعة ولكن ما حدث مع الأطفال هو احتجازهم اكثر من ثلاثة ايام وهذا مخالف للقانون، مؤكداً علي أن القبض علي الأطفال واحتجازهم ومحاولة تحميلهم المسئولية كاملة دليل علي عجز الدولة ومؤسساتها في الكشف عن الجناة الحقيقيين الذين هم وراء كل الأحداث ، مضيفاً ان التهم المنسوبة للأطفال الذين يتم القبض عليهم عادةً ما تكون مجهزة سلفاً والتي تشمل التعدي علي موظفين عموميين اثناء تأديهم لوظيفتهم ،ايضاً التعدي علي المنشآت العامة والمواصلات عامة ، وايضاً إحراز مواد مولوتوف وحجارة بغرض التعدي وإحداث شغب ،وهي نفس الاتهامات التي يتم توجيهها للبالغين في مثل هذه الأحداث والتي لايمكن ان يقوم بها أطفال في حداثة سنهم ، ويحمل مصيلحي المسئولية لوزارة الداخلية عن كل الإصابات والانتهاكات التي يتعرض لها هؤلاء الاطفال والتعامل معهم علي أنهم مجرمون وليسوا ضحايا ، ومن هؤلاء الأطفال الضحايا كان “محمد” طفل في الرابعة عشرة من عمره-رفض ذكر اسمه كاملاً- يعمل مساعد سباك ليصرف علي اسرته بالمعاونة مع والدته نظراً لكبر سن والده وعدم قدرته علي العمل ،ويروي محمد قصته قائلاً “في يوم 30 يناير الماضي اثناء فاعليات إحياء ذكري الثورة تم القبض علي في محيط كوبري القصر العيني في الثانية ظهراً تقريباً من خلال شخصين شدوني لعربة الترحيلات مع كثيرين بعد ضربي ،متسائلين ” مين دفع لكم ..مين اللي محرضكم ” فأرد قائلاً ” ماعملتش حاجة ..ماعملتش حاجه” ، تابع “واثناء وجودي في عربة الترحيلات تأكدت أن هذين الشخصين اللذين شدوني هم في الاساس شرطة رغم ملابسهم الملكي لانهم كانوا بيتحدثوا مع العساكر في العربة وكأنهم يعرفون بعض ..ثم أخذوني الي قسم قصر النيل وسألني الضابط هناك مع آخرين مقبوض عليهم ايضاً “مين اللي وراكم ؟..لو قلتوا هامشيكوا ” فأرد قائلاً “ماعرفش حاجه ..ماعملتش حاجه” ..وأثناء هذا التحقيق جاء ضابط ووضع المطواة في جيبي ثم أخرجها ونظر إلي قائلاً “ايه اللي معاك دي ..بتعمل بيها ايه” ..ثم عمل لي محضرا بتهمة التعدي علي الشرطه وإستخدام قوة .. وتابع “أخذتني عربة الترحيلات الي معسكر الامن المركزي بالجبل الاحمر ووضعوني في غرفه مع اربعة افراد شباب ثم انضم إلينا حوالي سبعة علي خلفية احداث الاتحاديه ، وكانت الوجبه الرئيسية هي الفول بالنهار والضرب بالشوم بالليل “.. وبعد تنهيدة طويله عن ايام صعبة عاشها محمد، تابع قائلاً ” وبعد قضاء اربعة ايام في المعسكر رحلوني للأحداث لحين النطق بالحكم ، وبعد حوالي عشرة ايام في الاحداث نتيجة لكثرة تأجيل الجلسات تم إخلاء سبيلي يوم الاحد الماضي الموافق 17 فبراير الجاري “ ويختم محمد قصته برجاء بألا تنشر صورته أو عنوانه خوفاً من القبض عليه ويتعرض لما تعرض له مرة ثانية .. من جانبه ذكرت منظمة العفو الدولية في بيان لها إن قوات الأمن لم تتعلم شيئا من دروس الماضي ولم يتم معاقبتها علي استخدام القوة المفرطة مرة أخري واعتقال وضرب المتظاهرين ومنهم أطفال، وأن فشل إصلاح قطاع الشرطة وإزالة هؤلاء المتهمين بالقتل والتعذيب وتقديمهم للعدالة يسمح للتعذيب وسوء المعاملة بالاستمرار، فقد كان إفلات الشرطة من العقوبة سمة مميزة لعهد مبارك، ولكن بعد سنتين من سقوطه يجب أن يأخذ الرئيس محمد مرسي خطوات حاسمة لضمان ألا يحمل عهده ذات السمات ونفس التاريخ .