كأنه كتاب الفصول السبعة، المعروف باسم كليلة ودمنة، يسرب عبره محمد سلماوي، المثقف العضوي الشريف، قصصا تحمل من العمق بقدر ما تحمل من الطرافة. ليضع يده علي مكافي الوجع في منظومتها السياسية والاجتماعية الراهنة. هذا هو كتاب «عشر برديات مصرية» للكاتب محمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب مصر وهو الذي تمت مناقشته مؤخرا بمركز الجزيرة للفنون مصحوبا بمعرض الفنان رضا عبد الرحمن ( من وحي عشر برديات مصرية). حضر اللقاء وزير الثقافة الفنان فاروق حسني ود. عماد أبو غازي أمين المجلس الأعلي للثقافة وأديب الأطفال عبد التواب يوسف، والكاتب والناقد يوسف الشاروني، وأ. محمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين المصريين ولفيف من الكتاب والمثقفين. تحدث الناقد الفني محمد كمال حول الكتاب موضحا أن هذا العمل (عشر برديات مصرية) مختلف كل الاختلاف عما سبقه من أعمال للكاتب محمد سلماوي وذلك لعدة أسباب منها؟ ثقة سلماوي بنفسه عندما يتعامل مع فنان تشكيلي شاب (رضا عبد الرحمن) بشكل فيه جديد وخلق عمل مشترك، كما أن هناك سرا في الصنعة ودهشة في الإبداع، فقد خلق هذا العمل صلات ابداعية بين الكلمة واللوحة، كما نجد أن النص الأدبي في العشر برديات مضفر في الحكي مع بعض الخيال والسرد الأسطوري، بالإضافة للجانب الرمزي فلا يمكن فهم النص إلا بمعرفة قارئ جيد وواع، كما أن هذه النصوص تتماس مع الواقع المصري، وتحمل النصوص أيضا في مضمونها (الأصالة والمعاصرة) ، وقد اعتمد الفنان رضا عبد الرحمن علي اللمس والتذوق والحس الرفيع الذي جعله يتوحد مع كل النصوص، وأن المزج بين الرسم والتصوير موجود في الجداريات المصرية القديمة علي جدران المعابد، فالفنان رضا عنده قدرة هائلة علي الاختزال البصري، وهذا ساعد علي استخلاص روح النص عند سلماوي. ثم تحدث الكاتب محمد سلماوي عن تجربته في هذا الكتاب وقال: هذا الكتاب ينتمي لنوعية نفتقدها كثيرا في المكتبة، وهو الكتاب الأدبي والفني في نفس الوقت، فالناشر (محمد رشاد) وجد أمامه لوحات فنية متكاملة، منفذة بالزيت وبها مقومات اللوحة الفنية الحقيقية فقرر أن يعاملها كلوحة فنية، وهناك قيمة أخري في النشر وهو الشكل الإخراجي للكتاب ونوع الورق الجيد، كما أن الناشر كلف نفسه وأصدر الكتاب باللغتين العربية والفرنسية في نفس الوقت وأحيي المترجمة القديرة سهير فهمي، وقيمة العمل ايضا تكمن في اللوحات، فأنا أمام نصوص تشكيلية قائمة بذاتها تعبر عن رؤية الفنان للنص الأدبي وقدرته الهائلة علي ذلك رغم صعوبة التعامل مع مثل هذه النصوص. ولأن الموضوع تاريخي فرض علي عدم كتابته بشكل عصري مثل الرواية ولا كتابته بأسلوب قديم متقعر ولكني التزمت بشكل جديد، يبدو قديما ولكن بمفهوم عصري. وفي تعقيب للفنان محسن شعلان قال إن هذا الكتاب الرائع، يجمع بين اللوحة والكلمة المبدعة، وهذه البرديات المستوحاة من تاريخ مصر العريق، لابد أن توجه لابنائنا في المدارس ليستفيدوا من دروس صنعها اجدادنا العظماء، رفيعو المستوي، سبقونا في الحياة قبل آلاف السنين، وصنعوا امجادا تفتخر بها البشرية. وقد لفت انتباهي للأسف أن المناهج التعليمية في المدارس لا تفيد الأولاد في مادة التربية القومية، فلا يوجد لها مثل ما هو في هذا الكتاب الثري.